التعداد السكاني في عمق الأزمة
حسن طه العزاوي
مع التعداد السكاني الجديد الذي أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 44 مليون نسمة، يبرز تساؤل كبير حول انعكاس ذلك على تركيبة مجلس النواب. وفقًا للدستور العراقي، يُخصص لكل 100 ألف نسمة مقعد نيابي واحد، مما يعني أن عدد النواب سيزداد بشكل ملحوظ من العدد الحالي البالغ 329 نائبًا إلى حوالي 440 نائبًا، إذا تم الالتزام بالنص الدستوري.
لكن هذه الزيادة ليست مجرد أرقام على الورق؛ فمع ارتفاع عدد النواب، ستزداد أيضًا التكاليف المرتبطة بهم. رواتب النواب الجدد، التي تشمل المخصصات المالية، قد تُكلف الدولة مليارات الدنانير سنويًا. كما أن توفير الحماية الشخصية لكل نائب، مع تخصيص فريق أمني، سيضيف عبئًا آخر على الموازنة العامة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة.
زيادات طفيفة
من جهة أخرى، فإن زيادة عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي تعيد تشكيل حصة المحافظات من عدد المقاعد. المحافظات الكبرى مثل بغداد ونينوى والبصرة ستشهد زيادة كبيرة في تمثيلها النيابي، بينما قد تظل المحافظات الأقل سكاناً مثل المثنى وديالى في حدودها الحالية أو مع زيادات طفيفة. هذا التوزيع سيؤثر على ميزان القوى السياسية بين المحافظات.
وفي ظل هذا الواقع الجديد، يصبح من الضروري التفكير في قانون انتخابي يخدم المرحلة المقبلة. هل النظام الحالي الذي يعتمد على دوائر صغيرة متعددة هو الأمثل، أم أن العراق بحاجة إلى الانتقال إلى نظام دائرة انتخابية واحدة، مما قد يمنح فرصة أوسع للأحزاب الصغيرة والمستقلين؟ أو ربما يكون النظام النسبي مع الدوائر المتعددة هو الخيار الأنسب، خاصة مع ازدياد عدد السكان.
القضية لا تتعلق فقط بزيادة عدد النواب، بل تتعداها إلى التأثيرات المالية والسياسية والإدارية التي سترافق هذه الزيادة. ومع كل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: كيف ستوازن الدولة بين التزاماتها الدستورية وضرورات الإصلاح الاقتصادي والإداري؟