الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تداعيات التوتّر في الخليج على الإستثمارات العسكرية الأمريكية

بواسطة azzaman

تداعيات التوتّر في الخليج على الإستثمارات العسكرية الأمريكية

عماد علّو الربيعي

 

المقدمة

اثارت الضربة الجوية الإسرائيلية بتاريخ 9 سبتمبر/ أيلول 2025، لأهداف في العاصمة القطرية الدوحة موجة من الاستنكار والادانة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي (GCC)، التي كانت تتوقع حماية عسكرية من قبل قوات الولايات المتحدة الامريكية المنتشرة في المنطقة وتعتبر محورًا لوجستيًا واستراتيجيًا مهمًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط! الأمر الذي أثار موجة من خيبة الأمل في الأوساط السياسية والعسكرية الخليجية، التي ترتبط باتفاقات ومعاهدات أمنية مع واشنطن، فضلا» عن استثمارات عسكرية أمريكية ضخمة، تتمثل بحجم مبيعات الأسلحة والتجهيزات الدفاعية التي تعتمد عليها المنظومة الدفاعية لدول مجلس التعاون الخليجي، تشمل طائرات، أنظمة دفاع جوي، دعم لوجستي، تدريب، وخدمات الصيانة. وصفقات صواريخ Patriot وTHAAD لدول مثل السعودية والإمارات. والسؤال الذي ستحاول هذه الورقة الإجابة عليه عن مدى تأثير تداعيات الضربة الإسرائيلية على الاستثمارات العسكرية الامريكية في دول مجلس التعاون الخليجي، دون الخوض في الخلفيات والابعاد السياسية لعدوان الإسرائيلي على الدوحة.

الاستثمارات العسكرية الامريكية

 في دول الخليج

من الجدير بالذكر أن وزارات الدفاع في دول مجلس التعاون الخليجي (GCC)، تنسق استراتيجيات شراء الأنظمة العسكرية من موردين وشركات أمريكية. كما تقدم دول مجلس التعاون الخليجي، تسهيلات كبيرة للولايات المتحدة في نشر قواتها في منطقة الشرق الأوسط من خلال عدد من القواعد العسكرية الضخمة مثل قاعدة العديد (Al Udeid Air Base)، في قطر التي تُعدّ مركزاً لعمليات الولايات المتحدة في المنطقة، وقاعدة الظفرة الجوية في الإمارات، التي تعد قاعدة جوية رئيسية، والقاعدة البحرية الأمريكية في البحرين، التي تضم مقر الأسطول الخامس الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، تتمركز القوات الأمريكية في منشآت أخرى في دول مثل الكويت، مثل معسكر عريفجان والقواعد الجوية. وتنخرط جيوش دول مجلس التعاون في مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة مع القوات الأمريكية لمواجهة تهديدات تقليدية أو غير تقليدية (مثل الإرهاب، الصواريخ الباليستية، الطائرات المسيرة). فضلا» عن المبيعات الضخمة من الأسلحة والتجهيزات والمعدات العسكرية الموضحة في الجدول التالي:

أحدث المبيعات العسكرية الامريكية لدول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2025

 

المصدر: الجدول من عمل الباحث

استنادا» الى الجدول أعلاه فان الشركات الامريكية هي المورد الرئيس للأسلحة إلى دول الخليج مع ازدياد تركّز مبيعاتها على أنظمة الدفاع الجوية والطائرات المسيرة والصيانة طويلة الأمد. ومن أهم الشركات التي تستثمر في مجال بيع الأسلحة والتجهيزات العسكرية الى دول مجلس التعاون الخليجي، لوكهيد مارتن Lockheed Martin، ومجموعة ريثون تكنولوجي Raytheon Technologies (RTX)          وشركة General Dynamics وشركة Boeing      ، وغيرها من الشركات الامريكية.  ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تقدم لدول مجلس التعاون الخليجي (GCC)، تحذيرات ومعلومات استخباراتية، مثل البيانات حول التهديدات الجوية، من خلال منشآت مثل مركز العمليات الجوية المشتركة في قطر.  كما أنها ترتبط مع عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، باتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف في المجال الأمني تركز على التعاون في مجالات محددة، مثل اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل مع البحرين التي تتضمن التزامات دفاعية وردوداً محتملة على العدوان الخارجي، بالإضافة إلى اتفاقيات ثنائية أخرى، وتعاون في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعاون في مكافحة الإرهاب، وتنسيق الاستراتيجيات العسكرية، وتأسيس بنى أمنية إقليمية مثل فريق العمل في البحر الأحمر. الا أن ما جرى مع الدوحة بضوء أخضر أمريكي، يشير الى إمكانية أن تطلق واشنطن يد إسرائيل في أي وقت وفي أي مكان، وهو ما يضع التعاون الخليجي الأمريكي ليس في مجال الاستثمار العسكري فقط بل في كل مجالات الاستثمار الاقتصادي الاخرى على المحك.

سيناريوهات محتملة

على الرغم من كون الاستهداف الاسرائيلي للدوحة الحليف الاستراتيجي لواشنطن، بحجة ضرب قيادات حماس، الا أن في الوقت نفسه قد يطرح تنعكس تداعياته على التعاون الخليجي في المجالات المختلفة مع الولايات المتحدة التي بات هاجس عدم الثقة بها كحليف موثوق به في أوساط خليجية عدة، لاسيما في مجال الاستثمارات العسكرية التي يمكن أن تكون سيناريوهات رد الفعل المستقبلية كما يلي:مثل هذا الحدث قد يدفع دول مجلس التعاون الخليجي (GCC)، الى زيادة الاستثمارات في أنظمة دفاع جوّي وصاروخي من مناشيء غير أمريكية.قد تطلب دول مجلس التعاون الخليجي تسريع عقودها مع واشنطن أو إضافة قدرات دفاعية متقدمة مثل (Patriot, THAAD, Iron Dome بنسخ متقدّمة، وربما منظومات ليزرية مستقبلية). لمواجهة أي تهديد مشابه في المستقبل.ستحاول الولايات المتحدة الامريكية تعزيز استثماراتها العسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال بيع منظومات أسلحة جوية وبحرية ودفاع جوي متطورة جديدة لطمأنة دول مجلس التعاون بالتزاماتها الدفاعية عنها وحماية مدن وقواعد دول مجلس التعاون.من المحتمل جدا».

أن تتجه دول مجلس التعاون الخليجي الى تعزيز علاقاتها العسكرية مع الصين وروسيا، من خلال مبيعات الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية.

بالإضافة إلى تدريبات مشتركة أو استشارات عسكرية، مما قد يؤثر على الحجم المستقبلي للاستثمارات العسكرية الامريكية مع دول الخليج، لكن هذا قد يثير توترات سياسية.

قد تسعى قطر والإمارات والسعودية لتوطين بعض صناعات أنظمة الدفاع الجوي/المضاد للصواريخ (Patriot, THAAD, Iron Dome بنسخ متقدّمة، وربما منظومات ليزرية مستقبلية).

  لزيادة قدراتها الدفاعية تحسباً لتكرار التهديد.

وهذا سيكون في صالح الشركات الأمريكية المصنعة مثل Raytheon و Lockheed Martin.

استنتاج نهائي

  لا شك أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة 9 سبتمبر / أيلول 2025، والموقف الأمريكي المخيب للآمال الخليجية بمظلة الحماية الامريكية، قد يفتح نقاشًا في الخليج حول تنويع مصادر السلاح، بما في ذلك التوجه نحو الصين وروسيا، اللتان تعرضان صفقات تسليح دون قيود سياسية صارمة مثل الكونغرس الأمريكي، وبأسعار أقل من الأنظمة الدفاعية الأمريكية، الامر الذي قد تعتبره واشنطن رسالة ضغط عليها لموقفها البارد من العدوان الإسرائيلي على الدوحة. الا أن البنية التحتية الدفاعية لدول مجلس التعاون الخليجية معتمدة ومرتبطة بشكل كبير بالمنظومة الدفاعية الامريكية في منطقة الشرق الأوسط (قواعد، مراكز قيادة، صيانة، تدريب) ، الامر الذي قد يجعل عملية التحول وتنويع المنظومات العسكرية الدفاعية نحو الصين وروسيا امرا قد يستغرق وقتا» طويلا» بسبب معاضل (التوافق Compatibility)، مع المنظومات العسكرية الأمريكية والدفاعات المشتركة، خصوصا» مع الأنظمة الاستراتيجية الكبرى (Patriot, THAAD, F-15, F-35). استنادا» لما سبق فان السيناريو الأقرب أن تذهب قطر ومن ورائها دول مجلس التعاون الخليجي (GCC)، للضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ عقود التسليح مع الشركات الامريكية الموردة وخفض القيود التي تفرضها واشنطن، في ذات الوقت قد تزيد المشتريات من روسيا والصين في مجالات الطائرات المسيرة، الذخائر الأرخص، وبعض الرادارات كخطط بديلة.

 

 

 

لواء ركن متقاعد

خبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجيةش


مشاهدات 33
الكاتب عماد علّو الربيعي
أضيف 2025/09/15 - 2:27 PM
آخر تحديث 2025/09/16 - 12:40 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 23 الشهر 10823 الكلي 12028696
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/9/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير