ماذا بعد سقوط دمشق ؟
عبد الجبار الجبوري
منذ سنوات ،والعواصم العربية تتساقط كأحجار الشطرنج،بدءاً من بغداد وصنعاء وطرابلس وليس انتهاءً بدمشق، وربما تسقط بغداد ثانية، ليس المهم كيف تسقط العواصم وبيد مَن،ولكن الأهم هو الطريقة التي تسقط بها العواصم،ضمن إستراتيجية ومشروع أمريكي –صهيوني،ودعم أوروبي،ولحق بهما المشروع التركي الآن،إذن هناك مشروع يطبق على الأرض العربية،فبعد أن سُمح للمشروع الإيراني ،ولما يسمى ب(الهلال الشيعي )، التمدّد في المنطقة، والسيطرة على عواصمها ،بحكومات خاضعة لقرارها السياسي والعقائدي، وإنشاء فصائل ولائية مسلحة خاضعة له في هذه الدول ،لاتخضع لقرار حكوماتها،وصل خطره حدّ تهديد المشروع الامريكي،بإقامة الشرق الأوسط الكبير،الذي أعلنه برنارد لويس المفكر الصهيوني، وأعدى أعداء الاسلام، بتفتيت وتكفيك الشرق، على أسس إثنية وقومية وطائفية،ولهذا الخطر، بدأت أمريكا وإسرائيل، بتفكيك وإنهاء المشروع الايراني الكوني الديني، فشنّت إسرائيل حربها على غزة وفصائلها،التي تسلّحها وتموّلها إيران، لأنها الأقرب لحدود إسرائيل،وخطر فصائل حماس والقسام وجماعة العمل الاسلامي ،الأخطر على إسرائيل من الحوثي ،وحزب الله وفصائل العراق وسوريا،فكانت المرحة الأولى تدمير غزة ومدنها وإحالتها الى تراب، ومدن أشباح بمعنى الكلمة،بعد قتل شبابها ونسائها وأطفالها وشيوخها،وقتل قادتها(هنية والسنوار وغيرهما).
دمار رهيب
ثم تحوّلت الى حزب الله المجاور لحدودها، وفعلت نفس مافعلته بحماس والقسام بغزة، دمار رهيب للضاحية ومدنها ،وقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف،والقضاء على أبرز قادتها السياسيين والعسكرين ،وأهمهم، سيد حسن نصرالله ومعاونه ،إنتهت صفحة حزب الله ومقاومة فلسطين،وبقي نظام الأسد والفصائل الولائية العاملة داخل الاراضي السورية، بحجة محاربة تنظيمات داعش والنصرة وغيرها،فهذا النظام قوي ليس مثل حزب الله وحماس والقسام، يمتلك جيشاً كبيراً وأسلحة وصواريخ، ومعه روسيا وإيران، ليس من السهل القضاء عليه، فجاء التحالف الامريكي – الصهيوني – التركي، بإستخدام جبهة تحرير الشام ،التي يرأسها الجولاني والجيش الحر وتنظيم نور الدين الزنكي،ككذبة لتحرير سورية من الأسد، بإعتبار أن الحرب على بشار الأسد ،هو من داخل سوريا ومن أبنائها،تحت يافطة المعارضة السورية لتحرير سوريا، وبدعم تركي لامحدود بالمال والسلاح و(مسيرات شاهين) ،بدأت بالهجوم على أهم معاقل سوريا وأكبرها، وهي مدينة حلب ،ثم حماه وبعدها حمص وأخيراً دمشق، دون مقاومة من الجيش السوري، ولا الطيران السوري، ولا الفصائل الولائية ،فاطميون وزنبيون والفصائل العراقية وهم بالالاف ، وبأحدث الأسلحة،( من أين حصلت عليها ..؟؟))، هكذا سقطت دمشق وسقط نظامها القمعي،ومن هنا سيبدأ المشروع الامريكي – الصهيوني – التركي ،صفحة جديدة ، في التوسّع، والإنتشار والتحقق،نحو العراق وإيران،فبدأت التحضيرات العراقية ،والاستعدادات والاستحضارات العسكرية ، بتأمين الحدود العراقية السورية،بحفر خنادق وإقامة سياج على طول الحدود، وتواجد عسكري وحشد شعبي غير مسبوق ، بعد زيارات وزير الدفاع ورئيس أركانه،رافقها زيارات لرئيس الوزراء الى الاردن ،ومهاتفات مع ولي عهد السعودية ،وزيارة لرئيس اركان الجيوش الامريكية لبغداد، وزيارة للمثل الامم المتحدة لمرجعية النجف، قابلها تصريحات إيرانية صادمة وتوسلية، ومحاولة القفز من زورق بشار الاسد ،ومهاجمة سياسته والتنصّل من نظامه، بل والأدهى ماقاله وزير دفاع ايران، ((أن فقداننا لسوريا ،لأهون علينا من فقداننا قادة حزب الله ))،ولكن ماقاله الممثل الاممي بعد زيارته واشنطن هو الاوضح ، ناصحاً ومحذراً ،حكومة السوداني والإطار التنسيقي،((إن تحل مجلس النواب ،وتجري انتخابات مبكرة، كي لاتعرّض العراق الى ماحدث في سوريا)،وبهذا التصريح،أصبح الأمر واضحاً جداً ،أن الهدف التالي لأمريكا وإسرائيل وتركيا، هو العراق وبشكل مؤكد، ناهيك عن تصريحات ترمب وكابينته ، وتصريحات وتهديدات المالكي وهمبلاته وتحذيراته من عودة داعش والبعث، وتحذيرات طهران بوجود 11 الف داعشي للهجوم على الموصل والانبار،كلها تدخل في التحريض، والتشويش، والتخوّيف من حصول ماحصل لسوريا،وهو خوف مبكر له مايبرره لهم.
لأنهم هم المستهدفون بالدرجة الأساس، ومستهدف نظامهم،فبالنسبة لحكومة السوداني، فإن الدلائل تشير وبكل وضوح، وتأسيساً على معطيات وتصريحات وتسريبات أمريكية وغير أمريكية، فإن التغيير العراقي سيكون ناعماً ،بلا إراقة دماء كما حصل في سوريا،وأقصد بالتغيير الناعم، هو التغيير الذي سيحصل بقرارات أممية وأمريكية ، حالما يستلم الرئيس ترمب السلطة ،(إجراء إنتخابات مبكرة، إلغاء قرارات سياسية كنظام المحاصصة، واجتثاث البعث وغيره، حل الحشد الشعبي بالتوافق مع المرجعية في النجف،إنهاء السلاح المنفلت الخارج عن القانون، وغيرها من القرارات التي تضمن إعادة تصحيح مسار العملية السياسية ،وفق رؤية الرئيس ترمب( تصحيح المسارفي العراق)، أو تحقيق إستراتيجيته (جحيم الشرق الاوسط، وانهاء الحرب فيه))،واذا ماتحقق هذا السيناريو وفق الرؤية الأمريكية والاستراتيجية الأمريكية – الصهيونية – التركية كتحالف ثلاثي ، ينفذ مشروع برنارد لويس ،فإن العراق ذاهب الى تقسيم وفق مشروع جو بايدن الى ثلاث أقاليم ، واحد منها يخضع بصورة وأخرى الى تركيا،وهو معلن ضمن الإستراتيجية التركية السياسية والعسكرية، والخرائطية العثمانية،كما سيحصل بسوريا هذا التقسيم وعلى مراحل تحددها اسرائيل وامريكا وتركيا هناك وكما نراه الان مجسد على الارض،قسد والمعارضة والتنظيم الموالي لتركيا في شمال سوريا ،زائداً المعارضة في دمشق،تبقى مشكلة إيران مع إسرائيل وأمريكا فقط، وهو برنامجها النووي،فبعد الإنتهاء من العراق ، ستنتقل المرحلة الأخيرة من مشروع الشرق الأكبر الى طهران، فهناك خياران أمام حكام وملالي طهران،أحلاهما أمرّ من الآخر، فإمّا الحرب وتدمير المفاعلات ومصانع ايران الصاروخية والحربية والطائرات المسيرة ومقرات ومعسكرات حرسها الثوري،ومنشآتها النفطية والطاقة الكهربائية وغيرها، واما تطبيق ماجرى في سوريا والعراق، أي التغيير بالقوة الناعمة من الداخل الايراني، حتى لاتثير حفيظة الشعب الإيراني وتحريضه عليها ،أي إعادة المعارضة الإيرانية ،التي هيأتها أمريكا في الخارج ،كإبن الشاه رضا بهلوي أو مجاهدي خلق والبيجاك وغيرها،وأعتقد أن الخيار الاول هو الذي ستتخذه إيران المعروفة بعنادها التأريخي،في مواجهة أمريكا وإسرائيل عسكرياً، معتمدة على أذرعها في المنطقة ، ((وهذا لايشكل شيء بالنسبة لأمريكا واسرائيل، بعد القضاء على حزب الله وقادته))،وعلى حرسها الثوري وجيشها ،وصواريخها وطائراتها المسيرة ، ونعلم جميعاً أن ايران تعاني من حصار إقتصادي تأريخي، لاتقوى على مواجهة عسكرية مع أحد ، فجيشها منهك وسلاحه قديهم، عدا مسيراتها وصواريخها الباليستية،وزوارقها الحربية الحديثة،بمعنى حربها غير متكافئة مع امريكا ،ولكن يمكن القول أن إسرائيل بإمكانها وحسبما تهددّ يومياً ،أنها ستقصف أولاً مع امريكا المفاعلات النووية العسكرية، وتقضي عليه، وعلى خطره الى الأبد،خاصة وإن أمريكا قد صنعت صواريخ تدميرية ،خاصة بمفاعلات إيران ،التي بنتها في أعماق الكهوف وتحت الأرض بعشرات الأمتار،قادرة على تدميرها والوصول اليها، بعد سرقة الملفات الخاصة الكاملة ،بجميع مفاعلاتها النووية والعسكرية،هذا السيناريو لم يكن ليتحقق، لولا غزو العراق وتدمير جيشه وقوته العسكرية ،التي كانت اهم عامل خوف وتوازن مع الكيان الصهيوني وامريكا،لهذا فليس أمام حكومة السوداني والإطار التنسيقي ،سوى تنفيذ ما تريده أمريكا ،وإسرائيل، قبل أن تواجه ما واجهته غزة وحزب الله ودمشق ، هذا هو السيناريوالتالي، بعد سقوط دمشق بيد طالبان دمشق....!!!!