الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لماذا الشرق الأوسط الجديد ؟

بواسطة azzaman

لماذا الشرق الأوسط الجديد ؟

جاسم مراد

 

إذا قرأنا بشكل هادئ وموضوعي ،فأن حصة الولايات المتحدة من الشرق الأوسط هي الأكبر إن لم تكن الكلية ، وإذا نظرنا لحصة الولايات المتحدة في الخارطة العربية فنجدها هي الأولى سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، ولا أحد من المنظومة الكونية يجاري واشنطن من حيث القواعد والوجود العسكري واحتكار التسليح في منطقتنا العربية ، وإذا تابعنا السياسات فقلما هناك تناقضات أو تجاذبات مهمة بين أمريكا والمنطقة العربية .

إذن لماذا الإصرار على تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد ، والذي يهتم ويعني بالمنطقة العربية تحديداً دون سواها من الدول والقارات الأخرى ، ثم إذا حق لنا السؤال ، فهل الساحة العربية بنظمها وشعوبها أقل قدرة من افريقيا التي تختزن الكثير من الموارد المهمة للعالم والكارتلات الامريكية والاوربية ، وهي القارة أو الدول التي حددت مواقفها في الكثير من القضايا ومن ابرزها في المرحلة الراهنة هما الدعوة التي رفعتها جنوب افريقيا ضد إسرائيل ولعبت دوراً ريادياً في كشف العنصرية والفاشية والسادية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني عموما وغزة المنكوبة المستباحة تحديداً ، ومنها ونتيجتها كان قرار المحكمة الدولية بالحكم على رئيس وزراء إسرائيل نتن ياهو ووزير الدفاع المقال باعتبارهما مجرما حرب ملاحقين من اكثر من ( 130) دولة في المعمورة ماعدا الولايات المتحدة الامريكية ، وهو القرار الأول في حياة هذا الكيان منذ عام ( 1948) حينما قررت الأمم المتحدة اعلان وجوده ، وهذا ما أكده الرئيس الفرنسي ماكرون حينما خاطب نتن ياهو بالقول ( الأمم المتحدة هي التي اقرت وجودكم فكيف تهاجمون قواتها ) .

نعود لقضية الشرق الأوسط الجديد وأسباب الالحاح أمريكيا واسرائيليا اقامته في محيط المنطقة العربية،

مما لاشك فيه إن هذا المشروع يستهدف تحقيق هدفين أساسيين مع بعض المشاريع المتصلة به ، الهدف الأول هو جعل إسرائيل جزء من هذه المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، بل هي الرائدة لهذه المنطقة، بما تملكه من تقدم عسكري واقتصادي وتكنلوجي ، وهذا يعني الغاء الحقوق الفلسطينية ، ونقلها من قضية حقوق في الأرض والتاريخ الى قضية إنسانية يمكن معالجتها في دول عربية أخرى وبالخصوص المملكة الأردنية الهاشمية ، وهذا ليس استنتاجنا وإنما هو قول للعديد من اركان الحكم الإسرائيلي منهم بن غفير مسؤول الحكم الأمني الإسرائيلي واياسرئيل وزير المالية وكذلك وزير التاريخ والسياحة الإسرائيلي بدعم ومساندة نتن ياهو رئيس الوزراء .

تفكيك دول

بعد تحقيق هذا المشروع الذي تؤيده واشنطن وبعض المنظومات الأوروبية ، ماذا يحدث ، إسرائيل لا تطمئن لوجود دول عربية قوية ومتماسكة ولا وجود لمقاومات مسلحة ، فأن الأمر يحتاج الى تفكيك هذه الدول ، وهنا تبدأ القصة ، وهي العمل الجاد والملح لأقامة كانتونات أو تجمعات باسم الدولة تقودها منظمومات من العرقيات والطوائف والمذاهب تحت شعار ( من حق هذه الكيانات بدولة ) وقد تبلورت هذه الحالة أو المشروع في سوريا ، وكان قبل سوريا في العراق عندما طرحت الإدارة الامريكية تقسيم العراق الى ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية لكن بسالة العراقيين ووحدة الموقف هو الذي احبط هذا المشروع ولا ننسى قول الرئيس الراحل جلال طالباني ( من إن قوة العراق وحقوق شعبه وتحقيق الديمقراطية والحرية والمواطنة بوحدته ) انتهى الاقتباس .

على وفق ذلك إن المرحلة الراهنة هي من اخطر ما يواجه المنظومة العربية كلياً وليس دولة دون أخرى وبما إن التعايش السلمي والاخوي والعائلي والوطني هو الذي شكل عمود الدول على اختلاف تنوعاتها ومذاهبها وقومياتها واعراقها واديانها عبر التاريخ ، فأن هذا الآمر يقلق إسرائيل أولاً ويشكل عدم الراحة والاستقرار للعقلية الاستعمارية ثانيا ، فسوريا الان هي الطرف المهدد في الوقت الراهن ويتكشف ذلك من عمليات الاستباحة والسيطرة على العديد من المواقع والحدود والمياه القريبة من الأردن ، على ان يسبق ذلك التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ، وليس صدفة أن يسكت الحكم الجديد في سوريا عن تلك الاعتداءات والاحتلالات الإسرائيلية للأراضي السورية ، وليس مبررا الحديث عن إن الوضع الجديد بحاجة الى المزيد من الوقت والاستقرار حتى يتخذ موقفاً .

قد يكون لبنان هو المستهدف اسرائيلياً ، لكن الأمور تشير الى أن العراق ثانيا ، لماذا نرشح ذلك ، فأن وجود حوالي ( 8000) داعشي في صحراء سوريا وكثير من الأحيان القريب منها ، فلماذا هذا الوجود رغم هناك حشود للقوات الأجنبية في سوريا ، فهل الإعلان بأن القوات قتلت هذا القائد الداعشي أو ذاك ينفي خطورة هذه الحشود وعملية توظيفها في لحظة من موقف معين ، وأن اخشى ما يخشاه المتابعون هو تحريك بعض التجمعات أو التظاهرات بحجة المطالبة ببعض القضايا وما اكثر المطالب بسبب الخلل في إدارات السلطات منذ (20) عاما أو نتيجة صراع بين مكونات عرقية أو مذهبية أو عشائرية مما يسمح بالتدخل الخارجي وطرح التقسيم . نحن مؤمنون بشجاعة وقوة المواجهة لكل المخاطر ، لكن مايحدث في سوريا هو الخطر الأكبر بما يحكم العلاقات بين سوريا والعراق تاريخيا وحاضراً بغض النظر عما يقال الان بأن السلام هو الذي يحكم بين سوريا والعراق . ومن هنا نؤكد المؤكد بأن ايران مستهدفة والعرب عموما والعراق الأكثر استهدافاً لذا فأن الشرق الأوسط الجديد هو نظام التقسيم للدول والشعوب ، وهو الذي يريده نتن ياهو في الخرائط الذي يقدمها في كل مرة بأن إسرائيل صغيرة بحاجة الى وضع اخر ويعني اضعاف الدول وتقسيمها ، فهل يتحسب المعنيون والمسؤولون عني وعنكم.


مشاهدات 79
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2024/12/21 - 1:21 AM
آخر تحديث 2024/12/21 - 7:39 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 379 الشهر 9093 الكلي 10065188
الوقت الآن
السبت 2024/12/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير