الأكراد أمام تحدّي الحكم الجديد وتهديد أنقرة
7250 سوريا عادوا إلى بلدهم عبر الحدود الأردنية منذ سقوط الأسد
بيروت (أ ف ب) - خلال سنوات النزاع الأولى في سوريا وبعد معاناة طويلة مع التهميش، بنى الأكراد إدارتهم الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا، وأعادوا إحياء لغتهم وتراثهم، كما قاتلوا تنظيم الدولة الإسلامية بشراسة على جبهات عدة.لكن اليوم، ومع هجمات الفصائل الموالية لأنقرة على مناطقهم، وتغيير الحكم في سوريا، يجد الأكراد أنفسهم أمام تهديد لإدارتهم الذاتية.بالتوازي مع شنّ هيئة تحرير الشام وفصائل موالية لها هجوما في مباغتا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر من معقلها في شمال غرب سوريا مكّنها في نهاية المطاف من السيطرة على الحكم في دمشق، شنّت فصائل موالية لأنقرة هجوما ضدّ القوات الكردية. وسيطرت هذه القوات على منطقة تل رفعت ومدينة منبج من الأكراد.ولا تزال قوات سوريا الديموقراطية التي يهيمن عليها الأكراد تسيطر على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا وجزء من محافظة دير الزور (شرق)، وخصوصا الضفة الشرقية لنهر الفرات. تخضع هذه المناطق للإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد في بداية النزاع في سوريا بعد انسحاب القوات الحكومية من جزء كبير منها.وبدعم من واشنطن، وسعت قوات سوريا الديموقراطية مناطق سيطرتها تدريجا، مع تحقيقها سلسلة انتصارات على تنظيم الدولة الإسلامية.
تحالف دولي
وتتمركز قوات أميركية، منتشرة ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، في قواعد عدة في مناطق سيطرة الأكراد، لا سيما في محافظة دير الزور التي تضم حقولا نفطية.وتشكّل كل من منبج وتل رفعت جزءا من «منطقة آمنة» بطول 30 كيلومترا تريد أنقرة إنشاءها على طول حدودها مع سوريا لإبعاد المقاتلين الاكراد.وبعد أيام من القتال، أسفرت وساطة أميركية عن هدنة بين القوات الكردية والفصائل الموالية لأنقرة، لكن الأكراد يتهمون الطرف الآخر بخرقها.واتهمت قوات سوريا الديموقراطية أنقرة بالاستعداد لشنّ هجوم على مدينة كوباني الحدودية مع تركيا، والتي كانت رمزا لقتال تنظيم الدولة الاسلامية.وأعرب قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي الثلاثاء عن استعداد قواته لتقديم مقترح إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني. وأضاف أن هذه المبادرة تهدف إلى «معالجة المخاوف الأمنية التركية».وتمتلك تركيا، إلى جانب الفصائل الموالية لها، قوة قوامها بين 16 ألف عنصر و18 ألفا على الأراضي السورية، وفقا لمسؤول تركي. وتؤكد أنقرة أن جيشها سيبقى جاهزا لتنفيذ عملية محتملة في شرق الفرات ما لم يقم المقاتلون الأكراد في شمال سوريا «بإلقاء» أسلحتهم.من جانبه، صرّح وزير الخارجية التركي أن الجيش التركي لن يكون لديه أي سبب للتدخل إذا قامت السلطات الجديدة في دمشق «بمعالجة هذا الملف بشكل صحيح».بحسب مراقبين، تحاول تركيا استغلال التغيير في سوريا لإضعاف المقاتلين الأكراد الذين تصفهم بـ»الإرهابيين» وإبعادهم عن حدودها الطويلة.ما بين عامي 2016 و2019، نفّذت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، ونجحت بفرض سيطرتها على منطقتين حدوديتين واسعتين داخل الأراضي السورية.تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضد الدولة التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي.وأبدت سلطات الإدارة الذاتية الكردية الانفتاح تجاه السلطات الجديدة في دمشق.ودعت الاثنين إلى “وقف العمليات العسكرية” على “كامل» الأراضي السورية. وفي بادرة حسن نية، أعلنت الخميس قرارها بأن ترفع على كل مقارها ومؤسساتها علم الاستقلال الذي رفعه السوريون منذ خروجهم في تظاهرات سلمية مناهضة لنظام دمشق عام 2011.وجاء قرار الإدارة الذاتية بعد تأكيد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديموقراطية، جناحها العسكري، أن «التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة.. تضمن حقوق جميع السوريين».
وقال القائد العسكري لهيئة تحرير الشام مرهف أبو قصرة، المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي، في مقابلة مع فرانس برس الثلاثاء إن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد «ستُضّم» الى الإدارة الجديدة للبلاد، مؤكدا رفض وجود اي فدرالية.الى ذلك عاد 7250 سوريّا عبر الحدود الأردنية إلى بلدهم منذ سقوط حكم بشار الأسد، حسبما أفاد وزير الداخلية الأردنية ليل الخميس إلى الجمعة.وقال مازن الفراية لقناة «المملكة» الرسمية إن «عدد السوريين الذين عبروا إلى سوريا من خلال معبر جابر- نصيب (الحدودي الوحيد العامل بين البلدين) منذ الثامن من كانون الأول/ديسمبر وحتى الآن، هو 7250 سوريّا».وأوضح أن «غالبية العائدين هم من غير المصنفين لاجئين».وتقول عمان إنها تستضيف أكثر من 1,3 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011. وبحسب الأمم المتحدة، ثمة نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجّل في الأردن.
اقفال الحدود
واعتبر وزير الداخلية الأردني في التاسع من الشهر الحالي أن «الظروف أصبحت مهيأة إلى حد كبير» من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بعد سقوط نظام الاسد، مشيرا إلى أن «اللاجئين قد يكونون بحاجة إلى أيام أو أسابيع قبل أن يباشروا العودة».وفي وقت مبكر من صباح أمس الخميس، شاهد مصور وكالة فرانس برس عشرات من سيارات الأجرة تضم سوريين تعبر حدود جابر-نصيب الحدودي على بعد نحو 80 كيلومترا غرب عمان.واستؤنفت الحركة التجارية على الحدود بين الأردن وسوريا بعد توقف استمر نحو أسبوعين إثر إعلان المملكة إقفال الحدود مع جارتها الشمالية بسبب «الأوضاع الأمنية».قال وزير الصناعة والتجارة الأردني يعرب القضاة أمس الخميس للصحافيين عند معبر جابر-نصيب الحدودي بين البلدين إن «قرابة 500 شاحنة عبرت من الأردن إلى سوريا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، كما أن نحو 150 شاحنة عبرت من سوريا إلى دول مختلفة عبر الأردن خلال الأيام الثلاثة الأخيرة».
وكان الأردن قرر في السادس من الشهر الحالي غلق معبر جابر الحدودي الوحيد العامل مع سوريا البلد المجاور قبل يومين من سقوط نظام الأسد بسبب «الأوضاع الأمنية» في سوريا.وأغلق معبر جابر مرات عدة منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.