الأوساط العلمية تنعى أحد أعلام العراق
مونتريال - احمد الراوي
هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يتركون بصمة دائمة وتأثيرًا كبيرا في حياة الانسان، وفي حالتي، هو بالتأكيد البروفيسور طارق إسماعيل (1939-2024).
مرشدا ومعلما
أعد نفسي من المحظوظين لأنني عرفته لأنه أصبح مرشدًا ومعلما ليس فقط في الأمور الأكاديمية والعلمية، ولكن حتى في القضايا الشخصية والعائلية. تبادلت معه أولى رسائل البريد الإلكتروني عندما أسس المجلة الدولية للدراسات العراقية المعاصرة في عام 2007 (والمعروفة حاليًا باسم مجلة العراق والعالم العربي المعاصرين) لأنني كنت متحمسًا للغاية لوجود اهتمام علمي بالعراق في العالم الغربي. سرعان ما أدركت أن بروفسور إسماعيل لم يكن فقط مهتمًا بتعزيز البحث في هذا المجال، ولكن أيضًا بدعم الباحثين العراقيين والشباب الذين يرغبون في الكتابة عن العراق بشكل أعمق ومنهجي.
لم أرَ أحدًا احب وكرس كل جهده ووقته وطاقته للعراق مثل البروفيسور إسماعيل.
لقد عارض علنًا وفي كتاباته العلمية جميع أشكال الطـائفية والسياسات التقسيمية والقمع السياسي سواء من السياسيين السابقين أو الحاليين. وبفضل توجيهه، تعلمت كيف أكون أكثر موضوعي ومنهجي في تحليل الأحداث والقضايا السياسية. ونتيجة لذلك، تمكنت من نشر إحدى أولى أوراقي الأكاديمية التي تناولت الطريقة التي تم بها تصوير العراقيين في وسائل الإعلام الأمريكية بعد غزو 2003.
يبقى البرفسور إسماعيل عالمًا متميزًا في مجال العلوم السياسية والشرق الأوسط مع تركيز خاص على العراق. ألف حوالي 40 كتابًا وحوالي 100 ورقة بحثية. غالبًا ما ركزت أبحاثه على القضايا الدقيقة في العلوم السياسية، مما ساهم في فهم أعمق للديناميات الإقليمية والعالمية. وتمت الإشادة بأعماله لعمقها ودقتها وتأثيرها، مما أكسبه مكانة بين الأكاديميين الرائدين في مجاله. ظل شديد الانتقاد لغزو الولايات المتحدة للعراق وكان آخر كتاب له يتناول نفس الموضوع بسبب شعوره بأن المزيد من العمل البحثي والنقدي لا يزال ضروريًا لمنح هذا الحدث الكبير المزيد من الاهتمام العلمي.
أصبح رئيسًا للمركز الدولي للدراسات الشرق أوسطية المعاصرة والأمين العام لرابطة الدراسات الشرق أوسطية الدولية. كان تركيزه المبكر على العلاقات الدولية خاصة فيما يتعلق بالولايات المتحدة وكندا وعلاقتهما بمنطقة الشرق الأوسط. كما أصبح الخبير الأكثر اطلاعًا في الأحزاب الشيوعية وتطورها في العالم العربي.
رحلة اكاديمية
بدأت الرحلة الأكاديمية للدكتور إسماعيل بحصوله على بكالوريوس في العلوم الاجتماعية مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة بغداد في عام 1958. هذا الإنجاز التأسيسي مهد الطريق لالتزام مدى الحياة بالعلوم السياسية والتعليم والاستقصاء العلمي. حصل على ماجستير آخر في دراسات الحكومة من جامعة إنديانا في عام 1961 تلاه درجة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة جورج واشنطن في عام 1967. حتى وفاته، خدم الدكتور إسماعيل كأستاذ للعلوم السياسية في جامعة كالجاري في ألبرتا، كندا.