حمودي الحارثي.. حكايات وذكريات (2-3)

ذكرى تعيين الزوجة ونيلها الشهادة العليا

صباح المندلاوي

ذاع صيت حمودي الحارثي  كممثل تلفزيوني واشتهر كثيرا في دوره المحبب (عبوسي) في مسلسل «تحت موس الحلاق» وربما القليل يعرف انه اخرج الكثير من البرامج التلفزيونية ومنها «شخصيات من التاريخ» الذي كان يعده شلال عزيز شلال.واحدى الحلقات كرست للباحث المعروف علي الوردي صاحب «لمحات اجتماعية في تاريخ العراق المعاصر.. ستة اجزاء» وعلي الوردي كان مدرس في مرحلة المتوسطة ولم يدر بخلده ان هذا التلميذ المشاكس سيكون مخرجاً لحلقة عنه.كما اخرج ايضا برنامج «العلم للجميع» اعداد كامل الدباغ وكذلك برنامج «قل ولا تقل» للعلامة الموسوعي مصطفى جواد.

يحدثني ذات مساء كيف ان الفنان رضا علي لجأ اليه بعد تهجير اهله وهو من الاكراد الفيلين وكان بحوزته 16 ألف دينار، كان يخشى من التهجير المفاجئ، فأستقبله وبكل ترحاب مخففاً عنه معاناته ومكابداته.

و الشيء نفسه قد يحصل مع الممثل البارع سليم البصري فهو ايضاً من الاكراد الفيلين وكان يتوقع بين الحين والحين ان يتم تسفيره ولما كان يخفي الفنان رضا علي عنده، فقد اتفق مع صديق من اهالي عنه – تاجر كبير – ان يخفي سليم البصري عنده، وقد تحقق له ذلك، لكن سليم البصري وادمانه على الكحول واتيانه ببعض التصرفات المشينة، جعل صاحب الدار ان يستاء منه ويطلب منه مغادرة الدار الى مكان آخر، عندها اخذه الى بيت شقيقته «ام انور» ابنها ضابط في الجيش وجارهم مكي عواد الذي كان يحب سليم ويدعوه للسهر معه.

يحدثني عن تمثيله «ست كراسي» كل كرسي يسلط الضوء على شخصية.كان المعروض اثنا عشر شخصية لكنها تقلصت الى ستة.الحارثي كان يرسم الشخصيات  وسليم البصري يهيء الحوار لها .قدم سليم ايضا عمل سياسي عنوانه «الى من يهمه الامر» بعدها توقف عن تقديم الاعمال السياسية.

كما اعتذر عن التمثيلية التي قدمها واخرجها سابقا ضد عبد الكريم قاسم وعنوانها «اصعد اصعد ... انزل..انزل»

وكما اشار اليه الحارثي: ان سليم البصري هناك صلة قرابة عن طريق الامهات بينه وبين محمد سعيد الصحاف واسعد عبد الرزاق الذي هو ايضا من الاكراد الفيلين.ولديه شقيقات في البصرة تزوجن من عناصر قومية ومنهم عبد الحميد  الهلالي .البصري جذوره قومية ايضا واعاد القول: سليم ابن خالة محمد سعيد الصحاف ام سليم وام الصحاف بنات خالة او اقارب .تم  اعفاء سليم من مدير التلفزيون بيوم التهجير ،رضا علي سفروا اخوته .. وكذلك عبد الغني الخليلي الذي حمل امه على ظهره ولساعات طويلة مشيا على الاقدام وحتى دخوله الاراضي الايرانية.

وعن سفرهما الى امريكا عام 1978 قال الحارثي:

كان سليم البصري يرغب ان ترافقه غزوة الخالدي في هذه السفرة .. وقد الح على ذلك.الحارثي ادرج اسمها ضمن المسافرين لكن داود القيسي كان قد رتب بين طالب القرغولي وغزوة الخالدي الزواج فتم اضافة اسم الطالب القرغولي ايضا للمجئ الى امريكا وفي نفس الطائرة.وراح البصري راح يحتسي الويسكي – قناني صغيرة- في الطائرة.حينما صعدت غزوة الخالدي الى الطائرة قال البصري بعصبية: هاي شنو ..اشو راحت ليغاد، جلست في مكان ليس بجوار البصري.قلت له: ان طالب معها ويرغب الزواج منها عندها انفعل واستشاط غضباً.لكن بعد وصوله الى امريكا..سحرته الاجواء عبر الموتيل الذي نزلت فيه..وكذلك لقاءه بالاصدقاء والمعجبين رافقهم في هذه السفرة المطرب شهيد كريم والذي اشتهر باغنيته الشائعة : هلا يمة وهلا بوية طاب الهوى وطاب النوم

كان زوجته عزاوية... تتضايق حينما يقولون لها زوجة الحاج راضي .. وعلى ما يبدو اشتد الخلاف بينهما..المحزن بعد وفاته ان عدد المشيعين كان قليلاً جداً وانا واحد منهم.

مسرحيون راحلون

الخميس 4/4/2019 صباحا في العاشرة الا ربع يتصل الحارثي هاتفيا فأدعوه لتناول الفطور سوية في منزلي،بعد قليل .. استقبله ونتناول الفطور سوية بعدها نجلس في الصالة.اسأله ان كان قد انتهى من قراءة كتابي «مسرحيون راحلون» بعد ان اهديته مؤخراً نسخة منها. قال: نعم ..ولدي ملاحظات ،كنت اتمنى وانت تكتب عن المرحومة زوجتي  منتهى ان تشير الى ما يلي:

ربما تطبعها طبعة ثانية – فأتمنى ايراد ذلك وانا لو كتبت مذكراتي فأشير الى هذه الملاحظة .

كانت الملاحظة..ان الراحلة منتهى حينما كتبت اطروحتها، كان هو يرافقها في القراءة والمتابعة والتدقيق.كان المشرف «م.ز» بعثي والاستاذ يوسف الصائغ واساتذة آخرين المشرف لم تكن ملاحظاته جدية .. بل هنا نقطة..هناك استفهام ولكنه تدخل في العنوان «مسرح الطفل ودوره في التنمية القومية» كانت مفردة «القومية» منه كذلك وضع اقوال لمنيف الرزار وصدام حسين وقادة البعث حينما اطلع يوسف الصائغ على هذه الاضافات في الاقوال والتي لم يتفق معها قال بالحرف الواحد: (شنو هل لعبان نفس؟!شنو هل الخرط. لو كنت قد اخبرتني بمثل هذه التغيرات اي وضع اقوال قادة البعث، لما سمحت بذلك )هذا يسجل له.على عكس المشرف «م.ز» الذي كان يتملق للسلطة.

وعن تعيين «منتهى» يبدو ان هناك ممثلة تونسية او مغربية «حياة ابو طيبة» جاءت الى العراق وكانت منتهى معها اثناء زيارتها الى الامام الحسين او الامام علي عليهما السلام ومن هنا عبد الامير معلة وافق على تعينها وخصوصا ان شقيق معلة هو صديق شقيقتها الشيوعي، فكان ان تمت الموافقة بتأثير من أخ عبد الامير معله – كاتب سيرة صدام حسين «الايام الطويلة». المؤسف ان زوجتي حينما ارادت التعيين مجدداً بعد سقوط نظام صدام، سمعت من احدى الممثلات تقول: اشعدهه جايه هنا..متروح لكردستان وعلى اثر هذا الاعتراض اصبح راتبها 630 ألف دينار بدلا من 960 دينارا بأعتبارها ماجستير او دكتوراه وليصبح راتبها التقاعدي لاحقاً 270 ألف دينار أو 300 ألف دينار وهو سينشر ذلك في يوم ما.

واذ يصادف الذكرى المئوية لولادة فلاديمير لينين وتصل دعوات الى وزارة الاعلام، ويصادف ان حمودي الحارثي في مكتب مدير عام المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون محمد سعيد الصحاف فيبادر الصحاف لاعطائه الدعوة الموجهة اليه نظرا لكثرة مشاغله وربما لمخاوف وحسابات يحسب لها من هو في مثل موقعه.

يسافر الحارثي الى موسكو ومعه رئيس الوفد العراقي فرات وتوت الذي ضم 250 شخصية اعضاء في الجمعية العراقية – السوفيتية.كانت الاحتفالية تقام في زمن برجنيف وزير التربية كان رئيس الجمعية.

انا صرت احد المتحدثين ايضا «يقول الحارثي» بعد ان شرب الجميع نخب مئوية ميلاد لينين اخبرتهم بأن هناك مناسبة سعيدة ايضا يجب ان نحتفل بها الا وهي نخب مئوية والدي فغمرت الفرحة الجميع..وتعالت التعليقات الساخرة هنا وهناك (توفي والدي عام 1971 وعن 101 عام).

-خلال زيارتنا للفنان المبدع الراحل سعدون العبيدي في منزله ليلة 20 نيسان 2019 وبحضور الفنان حمودي الحارثي. روي لنا العبيدي بعضا من ذكرياته مع الفنان التشكيلي كاظم حيدر اثناء دراستهما في لندن.كان على مقربة منا يسكن صديق اسمه قيس وزوجته اسمها ليلى.بعد ان انهوا الدراسة قرروا العودة الى بغداد بالسيارة التي اشتروها من هنا.

كاظم حيدر قرر ان يرسم السيارة بدقة ويساعده العبيدي في ذلك..في املاء الفراغات، كاظم يمسك بالفرش والالوان

حتى الصباح رسموا كل اجزاء السيارة بدقة وعند المصابيح كتبوا على احدهما قيس والاخرى ليلى.في الصباح تفاجأ كل من قيس وليلى بما رسمه كاظم حيدر. وبعد سفرهما ظلا يراسلان كاظم وسعدون من خلال الصور الجميلة التي يلتقطها في كل مدينة يتوقف فيها في اوربا.

بعد عشرة ايام، توقفت الرسائل..بعدها علمنا انهما في المستشفى هو وزوجته وان سيارته تعرضت الى حادث اصطدام وقد تحطمت وانهما سيعودان بسيارة اخرى يقول: تألمنا وتأسفنا لما حصل لهما.. وتمنينا لهما الشفاء العاجل وعن اخلاق كاظم حيدر الرائعة حدثنا قائلاً:

تصور انه في بغداد ذات يوم، احدى الفتيات في محلته، حاولت التحرش به، فلم يطاوعها فهذه الفتاة وبعد ان عرفت ان اهل كاظم حيدر ليسوا في الدار تسللت الى الدار وراحت تغويه وتغريه..وهو يتهرب ويرجوها ان تخرج من البيت. ولما بقيت مصرة ان تبقى معه اضطر ان يقول لها: «ابوس رجلج» ولما لم ينفع معها ذلك، اضطر ان يغادر المنزل وظل على مقربة يراقب الدار عسى ان تخرج الفتاة بعد عشر دقائق خرجت الفتاة..عندها عاد الى الدار واغلق باب الدار باحكام خشية تسللها من جديد واثارة المتاعب له.ولقطة اخرى نقلها عن الفنان الراحل كاظم حيدر حينما ذكر بأنه كان نائما في المستشفى سمع الاطباء يتهامسون فوق رأسه بأنه لن يستمر طويلاً، ستة اشهر ويغادر الحياة وحينما غادروا الاطباء المكان بعد ان تيقن انه لن يستمر طويلا في الحياة، اصابه الجزع واليأس، فما كان منه الا ان يمد يده الى مشرط على المائدة القريبة منه وراح يشرط شرايين واوردة يده فراح الدم يسيل ويتدفق وجينما انتبهوا اليه..اجروا الاجراءات اللازمة لتضميد الجروح واسعافه .علق حمودي الحارثي: يقال انه احب احدى التدريسيات في الاكاديمية،وقد اتفق واياها ان يمضيا ما تبقى من حياتهما سوية الا انها نكثت بوعدها واقامت علاقة مع محمد سعيد الصحاف وهي الان تقيم في اوربا. قصص عجيبة غريبة نسمعها..عسى الا تكون صحيحة.