فاتح عبد السلام
المعطيات المتوافرة تؤكد انّ اتفاقا لوقف النار في لبنان سيكون نهائياً وفاصلاً بين مرحلتين في لبنان، المرحلة الأولى، يمكن تسميتها بالمُقننة والتي شملت منذ شهور المواجهة مع حزب لبناني يمتلك قوات وتسليحا ينافس بهما الجيش اللبناني، وهذه المرحلة شارفت على نهايتها باتفاق ”هدنة” مدعوم من واشنطن وباريس.
وفي الحقيقة، انّ هذا الاتفاق الذي ينتظر الدخول الى حيز التطبيق لا معنى له من دون الموافقة الإسرائيلية التي تعني الشروط الصارمة لمنع إعادة تسليح حزب الله.
بالمقابل، هناك تجربة سابقة لحزب الله ذاته في قبول وقف إطلاق النار في العام 2006، ومن ثمّ الانطلاق بعدها الى تقوية إمكاناته وأدواره العسكرية قبل السياسية، وهو يمتلك الخبرة الكبيرة في هذا المجال.
والتصريحات الإسرائيلية المعلنة تركز اليوم على اشتراطات وضمانات منع تكرار ذلك التسليح، وعبر المراقب الامريكي، وهو ما نراه في كونه يمثل المرحلة الثانية التي إذا تعرضت للانهيار، حتى لو بعد سنوات ولا نقول شهوراً، فإنّ الحرب هذه المرة لن تكون مُقننة فعلاً، وسوف تعني حرباً من دون اية ضوابط فوق الاستهتار الذي حصل في هذه الحرب مرات مضاعفة.
ما يخص العراق هنا، هو أن يبقى بعيداً عن الانزلاقات المقبلة في السماح بمرور” أدوار بديلة” عبر أراضيه وأجوائه لصالح أي طرف معني بالصراع في لبنان. والعراق قد ينجو في الوقت الراهن من ضربات كانت وشيكة من الجانب الإسرائيلي رداً على الاستهداف من داخل البلد، لكن المرحلة المقبلة ستتضمن استحقاقات واجبة الالتزام في إقرار السيادة الحقيقية للعراق على أراضيه وأجوائه، وفي حال» انزلق» العراق مجدداً، وهو بهذه الحال المتعبة من الإمكانات العسكرية والاقتصادية والعامة، فإنّ هناك أثماناً كبيرة سوف يجري دفعها مباشرة، وسيتم استباحة الأراضي العراقية بالقصف، كما هو حال سوريا منذ سنوات عديدة.
بعبارة أخرى، انّ أيّ اتفاق للهدنة بين إسرائيل وحزب الله، هو اتفاق بين إسرائيل ولبنان، كـ «دولتين”، ذلك انّ الجيش اللبناني سيكون عنصراً أساسياً في هذا الاتفاق عبر دوره الجديد في جنوب لبنان، وهذا الوضع في حال إقرار بنوده لا يحتمل الانهيار بعد ذلك مطلقاً، وهذا ينسحب مباشرة على التزامات واجبة التحقق في العراق، الدولة التي تعاني من الاخطار المحدقة بها، كونها لا تزال الخاصرة الرخوة، في نظر قوى داخلية وأخرى خارجية.