المعري في تجلّياته
عبد المنعم حمندي
خَفّفِ الوَطْء هذا الترابُ رفاتُ أبي أو أبيك ،
دمي في الحصاة وفي العشبةِ اليابسةْ
أطأ الأرضَ ،
في قدمين من الخوف ترتعشان
واخشى المسير ،
فهل تنطقُ الروح
حين تلامسُ أوهامنا البائسةْ ؟
خَفّفِ الوَطْء، قد ينبتُ الورد في صخرةٍ ،
ان هذي النواويس شاهدةٌ
والنوْاح تجسّد في لوحة عابسة
خفف الوطء.. لا تلتفت للصدى
فالخطى أفقٌ والرؤى جثةٌ فاطسة
وهديل الحمام هنا يشبهُ النعي..
لا تلتفتْ .. ،
فالهوان استفاق على فسحةٍ في الجنون
وهذا الأنين يصمُّ المسامع.. هل يفقهون ؟
عبرَ الحالمون ،
وصاح المنادي:
” َبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْنَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْبَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ الأرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ”
جمَد الدمعُ في الحدقاتٌ
وتوقّفت الريحُ ..
كيف تطيرُ الفواخت والقُبّراتٌ؟
فبأي الدماء نسير ..
بأي فؤادٍ من الغيظ يجري الفراتْ ؟
قد أضَأْتُ الطريق وأظْلَمْتُ نفْسِي
وما من مخاضٍ يفسّرُ حدسي
وفي الضوء عمّ الظلام
كلُّ شيءٍ هنا معتمٌ
كلُّ ذرة رملٍ دمٌ
من نشيج الأسى
في الحروب وفي الميتينْ
في دمي قمرٌ مُخْتَفٍ
كيف لا نحسن السير بين الهّدى واليقينْ
ونلملم أحزاننا المكتواة بنارٍ وطينْ
كيف لا نتقي ..
ونصفُّ خطانا .. ؟
ففي كل دربٍ كمينْ
….
انَّنِي ميتٌ
وحیاتي هباء
ولذا كان قلبي حجرْ
أستعيدُ من الذِّكْرَیَات الصورْ
انتظرت مع الراحلين .. ،
وحين تَعُودُ بلادِي
أعودُ .. !
لم يعد صبحُ ذاك الزمان
قد فجعنا بليلٍ ،
ونعلم أن الشروق بعيد
ومهما يطول الوعيد
هو أقرب من موتنا مثل حبل الوريد
نحثُّ الرعود.. وريح الخَیَال
ولا نذَبْح الطیر
مهما تنوء بنا الذِّكریاتْ
فعلى غيمةٍ وُلِدَت نجمةٌ
ونَمَت زهرةٌ في فَمِ الكَلِماتْ.
كلما حدّق البوم في الشمس
طلَّ المغيبْ
وإذا ما استغاث ،
استغاث الصدى بالنعيبْ
قد مضينا..وسرنا
وما نبض هذا الفضاء سوى موتنا
نحن سرنا ونعلمُ لا نخلةٌ في النحيب
ولا حجرٌ لدمٍ يستجيبْ
….