سيول تغيّر مجرى يابس وكورنيش معطّل
نهر خاصة شاي في كركوك يستعيد رونقه
كركوك - محمد حسين
فاض مجرى نهر خاصه شاي في كركوك أسوة بعددٍَ من انهار ووديان ومراكز ومدن العراق نتيجة الامطار الغزيرةً والسيول الجارفةً التي إكتسحت المزارع والحقول والقرى وخلفت ورائها اضراراً ماديةً بليغة في مشهدٍ نادر لا يتكرر إلاّ في عقود زمنيةٍ متباعدة ، ورغم ذلك فان الفرحة غمرت اهالي المدينة وهم يتابعون السيل الكبير وهو يمرّ عبر مجرى النهر الذي يقسم المدينة الى نصفين ، فكأن حلمهم التاريخي قد تحقق ولو لفترةٍ مؤقتة ، وقد تغيرت الصورة الموحشة للنهر البائس الذي تحول عبر السنين العجاف الى مكبٍ للنفايات وجثث الحيوانات الضالة ، ومصرفٍ للمياه الثقيلة التي تطرحها المدينة الى المجرى يوميا.
حلم مؤجل
ورغم اهمية مدينة كركوك الحضارية والاقتصادية وثراءها بفضل انتاجها الغزير للنفط فان هذا الحلم بقي مؤجلاً بل مهملا ومتروكا من قبل اغلب ادارات الحكومات المحلية المتعاقبة على سدة المحافظة باستثناء بعض المحاولات التي جرت لإحياء النهر في ثمانينيات القرن الماضي لكنها توقفت فيما بعد ولم تستمر.
كانت مشكلة إحياء النهر تكمن في توفير مصدر مائي مستدام له وبسبب ارتفاع تضاريس مدينة كركوك العالية عن مستوى اراضي نهر الزاب الاسفل الذي يمر في ناحية التون كوبري التي تبعد أربعين كيلومترا من كركوك ، فان الحلول المقترحة لسحب مياه الزاب بواسطة مضخات عملاقة واعادة ضخها بواسطة الانابيب الى أعالي النهر عقيمة وغير ذي فائدة بسبب الجدوى الاقتصادية لها والكلف الباهظة لجلب المضخــات وتشغيــــــــلها، وكان لابد من ايجاد حل عملي معقول فاستقر رأي الخبراء على فكرة انشاء سد في أعالي النهر لجمع مياه السيول والامطار ثم إعادة اطلاقها بمقادير تؤمن لمجرى النهر كميات مناسبة من المياه طيلة فصول السنة ، هذه الفكرة تبناها المحافظ الاسبق السيد عبد الرحمن مصطفى فتاح الذي كان قد تولى تنفيذ عدد من المشاريع المهمة والاستراتيجية خلال فترة تولي مسؤولية محافظة كركوك من العام 2003 والى العام 2011م خاصة بعد تبنيه لمشروع البترودولار للمحافظات المنتجة للنفط لتوفير مصادر مالية كبيرة لتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية دون تحميل الخزينة المركزية أعباء مالية مباشرة وقد استفاد العديد من المحافظات المنتجة للنفط من هذا المشروع الرائد أيضا ، فبذل الرجل جهودا مضنية لاقناع الحكومة المركزية وبالخاصة وزارتي التخطيط والموارد المائية لتبني المشروع والمباشرة بانشائه.
سريان المياه
يقول عبد الرحمن بان السد ومن ثم سريان المياه في مجرى نهر خاصة جاي الذي يشكل الحلم الازلي لأبناء مدينة كركوك تم إنجازه وافتتاحه في العام 2011 الى جانب سدي بلكانة وشيرين ويقع السد في منطقة كوجك على مبعدة عشرة كيلومترات عن مركز كركوك ويبلغ ارتفاعه 62 متراً وطوله كيلومترين وربع فيما تتسع مؤخرته لخزن أكثر من مليون ومائة الف مترمكعب من المياه.
ويضيف ان السد يشكل معلماً اقتصادياً وسياحياً كبيراً فهو يوفر حاليا المياه لآلاف الفلاحين القاطنين على ضفاف بحيرته ومجراه فضلا عن تــــــوفير وضمان استمرار اطلاق الميــــــــاه نحو مجرى نهر الخاصة وسيجعل من مركز كركوك منطقة سياحية يمكن انــــــشاء عشرات الاستراحات السياحية والكازينوهات ومراكز الترفيه للـــعوائل الكركوكية والسياح الزائرين ومصدرا مهما من خلال الاستثمارات السياحية وتشغيل الايدي العاملة .
إن تجاهل المباشرة بتبطين مجرى النهر داخل مركز المدينة وعدم إكمال المنشئات الضرورية الأخرى سيؤدي الي هدر كبير للاموال العامة وإهمال الفائدة الرئيسية من إنجاز السد، لذا فإن على المسؤولين في الحكومة المحلية وعلى رأسهم المحافظ ومجلس المحافظة المبادرة تبني هذا المشروع الحيوي الذي تخفق لانجازه قلوب واهالي المدينه وزوارها. انه الأمل المرتجى فهل من مجيب؟