فاتح عبد السلام
خليط من سبع وخمسين دولة هم كامل أعضاء المشهد العربي والإسلامي العالمي، اقل من نصفهم يرتبطون بعلاقات طبيعية مع إسرائيل، حان “وقتهم” ليجتمعوا في قمة «الرياض” ، ويبحثوا بعد مرور ثلاثة عشر شهراً دموياً أسودَ،» استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان وتطورات الأوضاع في المنطقة» بحسب البيانات الرسمية للقمة. وهذه ليست المرة الاولى التي «يفعلونها» خلال زمن هذه الحرب، فقمتهم اليوم امتداد للقمة العربية – الإسلامية المشتركة التي عقدت في الرياض في 11 نوفمبر 2023
حرب غزة في هذه القمة، عنوان أكبر من حرب لبنان التي لا تزال في أولها ويبدو انَّ الانقسام بشأنها أعظم من حرب القطاع.
إسرائيل في ظل الدعم الأمريكي وصعود نجم الرئيس الجديد ترامب، لا تكلف نفسها صرف سطرين من الحبر للرد على بيان هذه القمة الإسلامية في الرياض، فمثلما توجد داخل القمة دول تصعّد اللهجة ضد إسرائيل، وهو تصعيد بـ»بلاش ليست عليه جمارك»، فإنه توجد دول تشارك من باب اسقاط الفرض ولتجنب انتقادات لاذعة من شعوبها، بالسر طبعا، نتيجة التقارب التطبيعي المنسجم مع إسرائيل ليست كدولة وعلاقات دبلوماسية، وانما كعقيدة وانتماء وفكر. هذه هي الصورة الحقيقية غير المرتشة لمن تلتقطه الكاميرات في لقطة اختتام القمة أو في خلال جلساتها.
هذا الواقع لن يفيد منه الفلسطينيون الا بقرار واضح في إقامة صندوق مالي لإعادة ما يمكن بناؤه في قطاع غزة مع صندوق دعم لحكومة فلسطينية جديدة تدير غزة بعد الحرب، لها منفذ على العالم الخارجي من اجل التنفس الاقتصادي. هذا اقصى ما يمكن أن يتحدث به العرب والمسلمون، ولا أقول أقصى ما سينفذونه، لأنهم لا يزالون لا يمتلكون اية أوراق ضغط من اجل تحويل القرارات الى واقع.
أمّا التفكير بتمويل إعادة اعمار لبنان فذلك ضرب من الخيال السياسي، لن ينزل الى الواقع قبل أن تتغير معادلة «حكم» إيران في الشرق الاوسط من خلال أذرعها المسلحة في لبنان أو حتى العراق الذي سيأتي دوره بشكل مقنن وعلى طريقة الجراحات الدقيقة بالناظور.
ايران دولة في حالة قوة ولا يبدو عليها الضعف او التردد، وأثبتت وقائع الحرب انها قادرة على التأثير فعلا وليس كلاماً، فهي أيضاً غير معنية بـ «منجزات» قمة الرياض أو سواها من قمم العرب والمسلمين، لأنها لا تمنحها تفويضاً لمسارها، كما انها قمم لا تعيق ذلك المسار في الوقت ذاته.
إنه ماعون كبير يتصدر موائد هذه القمة، والجميع يثردون فيه ما طابَ ولذَّ من جميل الالفاظ وبديعها، وهناك في الأفق بلاد تحترق وملايين تتشرد.