فاتح عبد السلام
اول نظام عربي بحث التطبيع الكامل مع إيران كان النظام العراقي السابق، وتشهد على ذلك المراسلات الشهيرة في اعقاب انتهاء حرب الثماني سنوات-1980-1989 بين الرئيسين الراحلين صدام حسين الذي طلب توقيع معاهدة حسن جوار وعدم اعتداء وهاشمي رافسنجاني الذي ابتدأ احدى رسائله بـ»السلام على مَن اتبع الهدى”. ولم تتحقق الرغبتان العراقية والإيرانية في وقتها، ورحل الرئيسان ثم اشتعلت المنطقة بحروب جديدة وقيام أنظمة مختلفة.
لذلك لا أجد ان من المستغرب قيام علاقات دبلوماسية وتطبيعية بين ايران والسعودية، وبين ايران ومصر. فلم يقع بين هذه الدول الثلاث مثل ما صنع الحداد بين العراق وايران وانتهى بهما المطاف الى صلح معلّق برغبة في التطبيع النهائي الذي لم يتحقق.
اليوم الرئيس الايراني الجديد، “وسيلة” الولي الفقيه للخروج من العزلة الدولية، يعرب بصراحة عن انتظاره ان يلبي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الدعوة لزيارة طهران بعد ان حدثت المصالحة التاريخية بين الدولتين برغم ما يحيطها من أسئلة مكتومة لم يشأ الطرفان اثارتها في الوقت الحاضر. كما يتطلع الرئيس الإيراني الى إقامة علاقات مع مصر، الدولة العربية الأكبر والتي تشكل مطلبا إيرانيا مستمرا من حيث التوجه نحو التقارب وطي صفحة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات وإطلاق اسم منفذ الاغتيال الاسلامبولي على شارع في طهران. لا تبدو انّ الحجة كاملة الاقناع كثيرا في هدم علاقات بين دولتين اسلاميتين كبيرتين واستمرار تداعيات تلك القطيعة اربعين سنة بسبب موقف سياسي تجاوزه الزمن، بلا شك انّ هناك أسبابا خاصة اخرى تدركها القاهرة، غير ان بعض تلك الأسباب تهاوى ذاتيا بعد التصالح الإيراني السعودي.
في عالم السياسة والمصالح، هناك خيارات صعبة ودقيقة، قد تفضي الى المصالحة الإيرانية المصرية، كما حصل التقارب بين طهران والرياض بعد علاقات أكثر انهياراً وتدهوراً في خلال السنوات الأخيرة الماضية.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية