فاتح عبد السلام
هل طوت إيران صفحة الرد على اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية الى غير رجعة؟
هذا هو السؤال الذي بدأت اجاباته تنبت من الواقع الذي تعيشه ايران ذاتها مع حلفائها في المنطقة ، بغض النظر عن نوعية الخطاب الاستهلاكي في الحلقات التسويقية.
ايران تنزع منذ وقت قصير جداً، من خلال حكومة جديدة، لإقامة جسر مع الغرب في ملفات رفع العقوبات وتجديد الاتفاق النووي، وهذه الملفات صعبة أصلا و تدخل في كل يوم مرحلة جديدة من التعقيد، ويبدو انْ هناك استعدادا غربيا جديدا لوضع ايران في زاوية اكثر حراجة حتى الاستجابة لشروط باتت واضحة وهي رفع اليد عن أي تعاون عسكري مع روسيا في حرب أوكرانيا ، ومن ثم العودة الى التزامات قديمة محددة في البرنامج النووي تحدث عنها امس بيان الاتحاد الأوربي في خلاصة الإحاطة التي قدمها في مجلس الوكالة الدولة للطاقة الذرية في جنيف. فضلا عن عدم تحريض او دعم حركات المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل. اما النفوذ في العراق وسوريا واليمن ولبنان، فليس في معرض اهتمام امريكي او اوربي مادام تحت سقف تضبطه الالتزامات الإيرانية المطلوبة.
كما انّ طبيعة “الرد الموعود» في جميع السيناريوهات لا يبدو مقنعا داخليا او في المحيط الإقليمي بسبب العامل الجغرافي والاحتمالية القوية في ضعف تأثير أي هجوم وعدم استعداد ايران على نقل اية حرب كبيرة الى أراضيها كخيار ثابت غير قابض للنقض لديها، كما انّ إسرائيل ذاتها لم تعترف باغتيال إسماعيل هنية، وانّ البيان الإيراني كان يشير الى ادانة لجهات في الحرس الثوري نفسه، لذلك لا يحمل خيار الرد الايراني الذي تحدثوا عنه كثيرا في ساعات حرجة، اية مبررات قوة لتسويقه فعلياً اليوم.
وفي النهاية، هنية ليس قاسم سليماني أو زاهدي، مهما كانت درجة « التحالف»، وانّ إيران لن تغامر بثوابتها في استراتيجيتها للخلاص من العزلة والحفاظ على هيبتها، في عمل فجائي خارج حساباتها.
لعل تلك المعطيات «المنضبطة» هي فرصة إيران الوحيدة في اثبات نيتها للغرب في الالتزام العقلاني بعدم توسيع حرب غزة، وهو امر أكده رئيسها الجديد بزشكيان في زيارته لبغداد امس.
مهما سقطت رؤوس بهجمات إسرائيلية أو أمريكية فإنَّ “ايران” و”حزب الله اللبناني” يدركان أنّ رأسيهما كنظامين، أثمن من أية مغامرة انفعالية لها ضجة معنوية وقتية، في حين سيكون لها أثمان وجودية حقيقية وتاريخية أيضاً.