ماذا بعد إنتخابات كردستان؟
خالد الدبوني
أخيرا إنتهت إنتخابات برلمان كردستان بعد طول انتظار وسجال وجدال حول موعدها و تفاصيل قانونها ورهان بين الخصوم و الاصدقاء بأنها ستغّير المعادلة لتضُعف القوي وتُقوي الضعيف بحسب الحجوم الإنتخابية والتي كان من المؤمل تغّيرها رأسا على عقب مثلما كان يحلم به الآخرون. يوم التصويت ظهر أن الشعب الكوردي في أربيل و دهوك لم تتغّير قناعاته وأعاد الثقة بزعاماته الكردية أما في السليمانية فقد أخذ الجيل الجديد حصة كبيرة من جمهور الإتحاد الوطني وبالتالي التغيير في المعادلة السياسية جاء على حساب الإتحاد الوطني بينما بقيت الاحزاب الإسلامية على حالها .اللافت للنظر هو سلاسة سير التصويت ونزاهته حيث لم نرى البطانيات تتوزع على السائل و المحروم ولا كارتات الموبايل او ظرف الخمسين الف دينار يلعب لعبته بين الناخبين !!ما يحسب للديمقراطي هو هدوء حملته الإنتخابية وإعتماده على جمهوره الثابت بينما ذهب الاتحاد الى عرض العضلات والدعاية الإنتخابية المعتاده إقليميا.
على العموم انتهى يوم التصويت بسلام وبنسبة مشاركة تعتبر (خُرافية ) مقارنةً بإنتخابات بغداد ولا أعلم متى يصل أهالي باقي محافظات العراق الى قناعة بأهمية الإنتخابات ودورها في الإصلاح وتغيير العملية السياسية ليصلوا الى هكذا نسبة في الإستحقاق الانتخابيّ مستقبلا ؟! وبالعودة الى أربيل فمن اليوم سيدأ التمهيد والتخطيط للمفاوضات القادمة والتي لابد منها بعد ان أظهرت الحجوم الإنتخابية بأن لايمكن لأي حزب المضي بتشكيل الحكومة الجديدة منفردا وبالتالي سيلجأ الجميع الى اللقاءات وجلسات التفاوض السياسي للوصول إلى حكومة وحدة وطنية وبالطبع ستكون المحاصصة حاضرة بقوة وبحسب عدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب .ربما سيكون للفائز الثالث ( الجيل الجديد) دور في هذه المفاوضات ولكن برأيي لن يمنحه أي من الحزبين الرئيسيين الفرصة لتقوية موقعه في السلطة التنفيذية وسيّشكل بإعتقادي الحزبين الرئيسيين في كوردستان الحكومة الجديدة مع منح الأحزاب الصغيرة بعض الحقائب الوزارية مثلما حدث في الحكومات السابقة تماما . أخيرا وبعيدا عن أحلام (العصافير ) أحلام من كان ينتظر فقدان الديمقراطي للزعامة السياسية يبدو إنهم سيضّطرون للتعامل مع الأمر الواقع وسيبقى ( الپارتي ) متزعّما للعملية السياسية الكورديةوحاملا لمسؤولية إدارة الإقليم و سيبقى (اليكتي) منافسا له ولكن من الدرجة الثانية بعد ان خرج من هذه الإنتخابات بتراجع في جمهوره وعدد مقاعده .اللافت للنظر اليوم هو عدد الأصوات التي حصل عليها الجيل الجديد وبالرغم من ان أصواته أرتفعت عن آخر إنتخابات إلا إنه حصل عليها من جرف حزب الإتحاد بعينه وفي معاقله وبالتالي أصبح يهدده أكثر من باقي الأحزاب التي حافظت تقريبا علىً مقاعدها السابقة مع ملاحظه ان الجيل الجديد أعرب عن مشروعه في الذهاب الى المعارضة البرلمانية والإبتعاد عن السلطة التنفيذية .الآن سيكون للديمقراطي مساحة مريحة في التفاوض بعدد مقاعده الأربعين إضافة الى الكوتا بينما على الآخرين ان يقدموا التنازلات المناسبة في سبيل الحصول على الشراكة المطلوبة لتشكيل الحكومة الجديدة .
أهل الإقليم ومعهم باقي العراقيين يتمنون بالطبع تشكيل الحكومة بأقرب وقت ممكن وأن لا يتكّرر في أربيل ما حدث في بغداد من سيناريو مخيّب لآمال الشعب العراقي أمتدّ لأكثر من عام بعد الانتخابات التشريعية ! فالتحديات السياسية والأمنية المحيطة بكردستان والعراق تحتاج وبسرعة لعقد البرلمان الجديد وصولا لتشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وسط ظروف إقليمية و دولية قابلة للإنفجار في أي لحظة .وعلى الأحزاب الفائزة أن تفّكر بمصلحة الاقليم و العراق أولا بعيدا عن مكاسب حزبية ضيقة أو تنفيذ أجندات خارجية لا ناقة لهم فيها ولا جمل .