الحلم في الغربة وطن
مروه محمد سليم
بعدَ سنين طويلة من الغُربة، عادَ لوطنه لكي ينام نَومَة اللحود
غادرَ وطنه وهو شاب في ريعان شبابه، لسبب لا يتذكره الآن! كان يحمل معه المال الكافي للسفر، ولكن بعد عدة اسابيع نفذ ماله، وبحث هناك عن وظيفة ولم يحظى بأي وظيفة! وبعد البحث المتواصل والجاد عثر على وظيفة وهي وظيفة في مكتبة كبيرة، ومع الأيام تعودَ ذاك الشباب على قراءة الكتب؛ لأن الكتاب كانت صديقه الوحيد في ارضِ الغُربةِ البعيدة، فكان كل يوم وبعد الانتهاء من عمله يجلس على مقعد خشبي تحتَ شجرة الصفصاف القديمة، يسافرُ بين صفحات الكتاب ويَجوبُ العَالم على بِساط خَياله، فيعيش في اماكن مختلفة وأزمِنة مختلفة ويرتوي بالحكمةِ والبَصيرة، وها هو جالس على ذلك المقعد للآن والشمس تغيب بصمت ...، تمضي السنوات ويكتسي اللون الأبيض شعره وينحني ظهره ويتجعد وجهه ، ما زالَ يجلس تحت شجرة الصفصاف كعادته، يبكي ... فهو مُشتاق إلى وطنه منذ سنين، ولم يتمكن من العَودة الى لوطن؛ لأنه تعرضَ لحادث فقدَ بسببه إحدى قدميه، ها هو على الكرسي المُتحرك يبكي، فهو وحيد وغريب، كانت له اُمنية بأن يعود لوطنه يوماً، وعند تساقط أوراقِ الخريف وتجول الرياح الباردة في الأزقة، التقى الغريبُ بصديقٍ قديم، تبادلا اطراف الحديث، وساعده صديقه إلى العودة للوطن معاً، بعد ايام عاد الغريبُ لوطنه العظيم، وصادف أن انتظره شبحُ الموتِ هناك، فلقد عادَ لوطنه بعد إن ذَبُلت روحه وأبيضَ رأسه، ولكنه كان سعيداً، فلقد كتب في مفكرة هاتفه الآتي:
بعيداً عن وطني كُنتُ كطفلٍ ضَائع بلا أم، و رغمَ تأخري في العودة إليه، على الأقل سأنام في حُضنِ وطني بدفء ترابه بأمان، بعيداً عن كوابيس الغُربة والضياع ...، هنا في وطني حيث الحب والأمان سَترقُد روحي بسلام.