الوراثة الأدبية
حسين الصدر
-1-
أكبر العوامل المؤثرة في شخصية الانسان عاملان :
البيئة ،
والوراثة .
ومن هنا
تجد أنَّ الأُسر الأدبية لا تعدم وجود الأدباء بين أبنائها ويستوي في ذلك الذكور والاناث .
-2-
خذ ( وردة اليازجي ت 1924 ) مثالاً :
ابوها الشيخ ناصيف اليازجي، واخوها اللغوي إبراهيم اليازجي، واخوها الاخر خليل اليازجي، وهي كاتبة شاعرة طبع ديوانها ( حديقة الورد ) في بيروت عام 1867 للمرة الأولى، وللمرة الثالثة في القاهرة 1914
راجع كتاب الصحافة في بلاط امراة لمحات
من تاريخ الصحافة النسائية
للباحث الموسوعي الأديب الأستاذ محمد احمد
معبر ص 71
ورغم انها عاشت في ظل الدولة العثمانية التي لم تكن تُعنى باللغة العربية بل تُضيّق عليها ،الاّ انها وبسبب الأجواء الأدبية التي عاشتها في الاسرة استطاعت ان تنظم الشعر الرائق .
فاسمعها ترثي الأمير امين أرسلان ( ت 1275 هـ ) :
كأسُ المنيةِ دائرٌ بين الورى
يسقي الكبيرَ ولا يفوت الأصغرا
ما هذه الدنيا بدار إقامةٍ
الاّ كطيف الحلم في سِنَةِ الكَرَى
كُلٌّ على هذا الطريق مسافِرٌ
لابُدَّ منه مُقدَّما وَمُؤَخرُا
الموتُ لا يُبقي صحيحاً سالماً
الاّ أتاهُ بِعِلةٍ فتكسرا
هذا امير المجد بات موسداً
بضريحِهِ المبرورِ محلولِ العُرى
هذا هو السيف الصقيل أصابه
سيفٌ مِنَ القدِر الذي قد قُدّرا
هذا الذي بالأمس كان مكانه
شمّ القصور فكيف يرضى بالثرى
تبكي البلاغة واليراعة والحجى
والعَزْم في الخَطْب الشديد اذا اعترى
لو تعلم الشمسُ المنيرةُ فَقْدَهُ
كُسفتْ أو البدر المنبر تحيرا
أو كان للحجر الصلود محاجرٌ
أجرى عليه مِنَ المدامعِ أنهرا
بكت المكارم والفضائل حسرةً
والحزم في الامر المهم اذا جرى
المصدر السابق / ص 72
-3 –
لقد اخترنا هذه القصيدة لانها تذكرنا بالموت الذي لابد أنْ نستعدَّ له قبل فوات الأوان .
-4-
انّ عدد اللواتي يمارسن الشعر من النساء يقل كثيرا عن عدد الشعراء الذكور ، ومع ذلك استطاعت الخنساء أنْ تحفر اسمها في الذاكرة الأدبية
حتى وصلت النوبة الى نازك الملائكة ،
ولميعة عباس عمارة ، ومثيلاتهما من النساء المعاصرات .
أما الشعر النسائي الرسالي فقد تميزت به العالمة المظلومة الشهيدة (بنت الهدى) وهي صاحب مدرسة في الفكر والثقافة الإسلامية وتم اغتيالها مع اخـــــــــــيها القائد الشهيد المرجع الإسلامي الكـــــــــــبير الامام اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر في 9 /4 /1980 والتي كشف المجرم ( سعدون صبري) مؤخراً عن انهم دفونها في ( بسماية ) في غلس الليل وأخفوا قبرها .
وهكذا يختطف الطغاة هذه الشخصيات العظيمة ويذيقونها الموت الزؤام بدلاً من التبجيل والاجلال والاحـــــــــــترام في مفارقة مرّة لا نظير لها في بلدان العالم المتقدم .