الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
توجهات مشتّته تفضي إلى الويلات والمآسي

بواسطة azzaman

توجهات مشتّته تفضي إلى الويلات والمآسي

احسان باشي العتابي

 

مما لا شك فيه،ان تشخيص اسباب مشكلة ما،يعجل في حلها دونما تاخير،لذلك فان الاساس في حل المشاكل،هو تشخيص اسبابها الحقيقية،من اجل تفادي الوقوع فيها مستقبلا،وهذا هو حكم العقل والمنطق؛ وواقعاً ارى ،ان الاطلاع على التاريخ بل ودراسته»بعناية وتجرد تام»،هو السبب الرئيسي، لتفادي الوقوع بذات مشكلة معينة، فضلاً عن مجموعة مشاكل.

بنظرة سريعة لواقع العراق، عبر حقب تاريخية هي ليست بالبعيدة، وتحديدا بعد عام 1914 م ،اي بعد الاحتلال البريطاني للعراق، الذي جاء خلفاً للاحتلال العثماني، والذي كان هو بدوره خلفاً للاحتلال الصفوي، الذي هو الاخر كان بديلا لاحتلال المغول، الذي جاء بعد اسقاط الدولة العباسية عام 1258 بقيادة هولاكو خان! سنلمس ان «غالبية جماهيره»هي السبب في عدم استقراره! مقارنة ببقية البلدان ،التي قد تكون ليس اوفر حظا من العراق، بسبب التدخلات الخارجية؛ لكن الدور الرئيسي في مواجهة تلك التدخلات ،والذي ادى  لاستقرارها على كافة الاصعدة بمرور الوقت ، كان لجماهيرها الواعية، التي ركزت على مبدا الانتماء للوطن، ضاربة عرض الجدار، بقية المسميات ،والعناوين، والقناعات الشخصية الثانوية، التي قد تدفعها للتناحر فيما بينها، الذي يودي لضياعهم وضياع بلدانهم بالنتيجة.

اختلاف الشواهد

حتى ثورة العشرين ،التي تعتبر الصفحة البيضاء في تاريخ العراق المعاصر، كونها وحدت جميع العراقيين آنذاك، بالضد من الإنكليز، عليها بعض المؤاخذات، بسبب اختلاف الشواهد على اندلاعها، والتي أنتجت فيما بعد،تشكيل أول حكومة للبلاد ،والتي كان نظامها ملكياً كما هو معلوم للجميع وبوصاية بريطانية طبعاً! وبرغم تلك المؤخذات عليها،لكنها لاقت استحسان طيف من العراقيين حينها،والسبب الرئيسي بذلك ،يبدو لحصولهم على مكاسب كبيرة، جعلت منهم «طبقة برجوازية»!

‏ورغم تلك الأوضاع ،فلو تتبعنا سيرة الحكم الملكي آنذاك للعراق، لوجدناها ‏أنها مستقرة نوعا ما ،كما تشير الوقائع التاريخية لذلك؛ لكن فجئة ودون مقدمات، اندلعت ثورة 14 تموز سنة 1958م ،بقيادة نخبة من الضباط، التي أطاحت بحقبة الملكية  عن بكرة أبيها، مما يوحي لكل متتبع للشأن العراقي ،أن الحكم الملكي حينها كان مفروضا على البلاد وأهلها، ربما بسبب التفاوت الطبقي ،الذي حكم المجتمع انذاك، من جراء سياسة الحكام الملوك، كما اشرنا لهذا سلفاً؛ لكن مجددا ،حيث لم يلبث الحكم الجمهوري،الذي تأسس خلفا للملكية-الإقطاعية- ،برئاسة عبد الكريم قاسم طويلاً في البلاد ،بعد كل ذلك الترحيب والتأييد الجماهيري له، حتى بدأت محاولات أسقاطه على يد البعثيين والقوميين! وفعلا تمكن البعثيون من اسقاط تلك الحكومة في عام 1963 م ،وتاسيس نظامهم الجديد تحت شعار» امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» حتى سقوطه على يد امريكا عام 2003 م!

الغريب ان كل تلك الأنظمة الحاكمة، التي تعاقبت على ادارة دفة الحكم في العراق ،والتي بدات بتأسيس الدولة العراقية في سنة 1921م ، حتى سقوطها عام 2003 م ، كانت بتأييد الجماهير العراقية ،التي تتغنى على طول الوقت بكل نظام يحكم البلاد، وهي ذاتها التي تصفق وتستهل طربا لسقوطه! بل وتبدا بملاحقة عناصره للانتقام منهم بكل وسيلة! لذلك أؤكد أنا دائماً ،ان مشكلة العراق الحقيقية، ليست بنوع النظام الحاكم او توجهاته، بل في توجهات الجماهير،التي عاصرت جميع تلك الأنظمة الحاكمة للبلاد والتي يبدو انها ذاتها لا تعلم ما تريده هي!

وسأضرب مثالاً بسيطا، على توجهات وحكم الجماهير العراقية لحقبتين مختلفتين، والتي آراءها اغرب من الخيال في أحيان كثيرة!

من خلال اطلاعي اليسير على تاريخ العراق،والذي ليس بخافي على احد،سأتجنب الحديث عن حيثات ثورة 14 تموز عام 1958 م ،التي نقلت العراق كليا من عهد إلى عهد آخر جديد،لكن سأركز على نقطتين مهمتين:

الاولى:لم اجد كلاماً مدعوما بالادلة أو الشهود ،يثبت ان «عبد الكريم قاسم»،تحديداً،قد صرح يوما، انه يوالي دولة معينة لحجة ما.

ثانياً:لم اجد دليلاً واحدا، يشير إلى انه نهب المال العام، او تسبب بنهبه أو هدره ، تحت حجج كالتي سمعنا بها بعد الاحتلال الامريكي للعراق،بمعية حكامه الجدد،الذي من بينهم الكثير»ملتزمون دينياً كما يدعون»!

ومع ذلك كله ،تم إعدامه بطربقة مهينة وبشعة من قبل البعثيين بمساندة قواعدهم الشعبية من العراقيين،وسط هتافات التنديد به! بعدها تم اخراج جثته ورميها في نهر دجلة! دون ان تحرك ازاء كل ذلك بقية الجماهير التي كانت مؤيدة لحقبته وتتغنى به لسنوات حكمه اي ساكن!

اما بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 م ، فقد ظهرت شخصيات لم تتنكر بتبعيتها لامريكا، باعتبارها السبب بوصولهم لمبتغاهم، وكذلك تبعيتها لايران بحجة العقيدة! ناهينا عن نهب المال العام، وزرع الفتن بكل اشكالها، والتي ستبقى أثاراها إلى اجل غير مسمى كما اراه وفق المنطق! لكن اللافت للنظر ،انهم حينما غادروا الحياة لسبب واخر، دفن البعض منهم بمراقد الاولياء الصالحين، ومنهم من جعل قبره مرقدا مستقلا بذاته ليصبح مزارا ،وما زال الكثير من العراقيين يلهثون بفضائلهم المزيفة!

تساؤلات منطقية

بالرغم انني بالضد، من قتل اي انسان ولأي سبب كان، حتى مع فرض استحقاقه للقتل، فضلا عن التمثيل بجثته، لكن بودي هنا ان اطرح تساؤلات منطقية لكل عاقل منصف؟

الاول:من يستحق القتل ،وان ترمى جثته بالنهر،فضلاً عن الإطاحة بنظامه»عبد الكريم قاسم» ،الذي لم يك تابعا لدولة او جهة ما ،والذي أسس نظاماً انقذ فيه بلدا باكمله، من الظلم ،والتعسف ،والطبقية، والجهل ،والرجعية، والتخلف، ناهينا عن حفاظه على اموال وخيرات البلد، ام اولئك الذين يفتخرون وعلى الملا بتبعيتهم للدول بحجج واهية، ونهبهم للمال العام ،بطرق حتى آبليس الذي يلعنوه بلسانهم، لم تخطر في ذهنه، وأذكاءهم للفتن بكل مسمياتها؟؟!!

الثاني: يا ترى هل جماهير حقبة» عبد الكريم قاسم»، كانت هي على حق في ردود فعلها تلك، ام ان جماهير زمن الاحتلال الامريكي الذي لا زلنا نعيش تبعاته هي على حق بردود افعالها،تجاه من يديرون دفة حكم البلاد؟؟!!

لمن يفهم الأوضاع التي تدور من حوله في العراق،ان عبارة» الملك عقيم» ،هي تلك العبارة بضمن كلام نطق به، الخليفة العباسي» هارون الرشيد « لولده المأمون قائلاً:( يا بني لو نازعتني انت على الحكم، لأخذت الذي فيه عيناك»! هي كافية، لان تكشف مدى غلو سلطان الحكم عند الحكام، بخاصة أولئك الذين امتطوا صهوة الحكم بقوة السلاح، او بالتواطؤ مع اخرين او جهات، من اجل الوصول للسلطة؛ وذلك يثبت ،ان الحاكم لا يميل، لتقريب أرحامه، ومعارفه ،والذين يشاركونه معتقداته، إذا كانوا على خلاف توجهاته، والعكس من كل ذلك صحيح.

ايها الاحبة..نحن حينما ننتقد السلبيات،لا يعتقد البعض،فضلاً عما اذا كان الاغلبية، اننا بالضد من نظام حاكم معين،لذات الاسباب ،التي يتخذها حاكم ما ،بتقريب البعض وإبعاد البعض الاخر،والتي نوهت لها سلفاً ،بل ان انتقادنا بناء ،يهدف لتقويم عمل الأنظمة الحاكمة، وفق مبدا «العدل والمساواة» تجاه جميع ابناء الوطن، وذلك المبدا هو المعمول به ،في البلدان التي نراها اليوم في مصافي الدول المتقدمة،مما جعلنا نعيش خيبات الامل، بسبب واقعنا المر! الذي نتمنى ونعمل جاهدا على تغييره، كي نصل لدرجة معينة ننافس بها تلك الدول المتقدمة، التي اختارت لأدارتها من يستحق «القيادة».

 

 

 

 

 


مشاهدات 211
الكاتب احسان باشي العتابي
أضيف 2024/09/28 - 12:45 AM
آخر تحديث 2024/11/24 - 2:13 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 365 الشهر 10283 الكلي 10053427
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير