فاتح عبد السلام
روسيا تكاد تكون غيّرت قواعد استخدام السلاح النووي ما دام أعلى قياداتها اجتمعوا وصرحوا بنيتهم في تنفيذ ذلك وبرروه بجملة اسباب، ولا ندري ان كانت الدول النووية الأخرى تتجه الى نفس المنحى.
في السابق، القنبلة النووية مقابل مثيلتها ردعاً أو ضرباً. اليوم، أعلن الرئيس الروسي بوتين أن روسيا ستنظر في «إمكان» استخدام الأسلحة النووية في حال «إطلاق كثيف» لطائرات أو صواريخ أو طائرات مسيّرة على أراضيها، في وقت تحاول اوكرانيا إقناع واشنطن والغرب بالسماح باستخدام صواريخ بعيدة المدى باتت في حوزتها في الأسابيع الاخيرة من هذا النزاع المستمر مع روسيا.
وقال بوتين خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي «سننظر في مثل هذا الاحتمال إذا تلقينا معلومات موثوقة عن إطلاق كثيف لوسائل هجوم جوي وعبورها حدود دولتنا. مشددا بالقول، أشير الى الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والمسيّرات والطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وغيرها من الطائرات”.
بمعنى آخر انّ الصواريخ الذكية والاستراتيجية والمسيرة المتطورة ستجر العالم الى حرب نووية، والمصيبة اذا كانت حرباً استباقية او تحسبية استنادا الى معلومات وقناعات دولة بعينها.
حرب روسيا وأوكرانيا، هي إحدى المخاطر المغلفة بالكارثة النووية، سواء بتداول هذا الاحتمال وتسويقه ضمن حرب الردع النفسي والاستراتيجي او من خلال ولادة قناعة اكيدة لدى دولة نووية قد يلحق بها اذى تدميري نوعي لم تكن تتوقعه.
الولايات المتحدة والغرب يدركون ان هناك قواعد معينة في هذه الحرب، وانّ الضربات الموجعة تحت الحزام محسوبة بدقة، وكذلك تدرك روسيا الامر ذاته.
في الحرب الدائرة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، هناك قواعد غير مرئية لكثيرين، أولاها انّ القوة الإسرائيلية ممنوع عليها تدمير كامل لبنان، وبيروت خاصة، مادامت ليست في حالة عمليات مباشرة. وثانيا ان إسرائيل ذاتها كانت متعايشة مع جارها “حزب الله” منذ حرب 2006، ولم تذهب الى قرار شطبه من الساحة العسكرية والسياسية لأنها تعلم بالتوجه الدولي إزاء الوضع اللبناني الداخلي. ذلك انّ قرار خوض الحرب كان حزبياً وليس لبنانياً ولا يمكن أن تتعدى إسرائيل هذا الخط الأحمر مهما بلغت هجماتها العدوانية.
أما ثالثاً فإنّ الحليف الأكبر والأخطر لحزب الله والداعم الأساس له وهو ايران يكتفي بالمراوحة السياسية والتعبوية خارج خط أحمر آخر مختلف هي تعلمه بدقة، ولايزال غير مرئي للموالين لها.
تكاد هجمات العدوان الاسرائيلي تنتهي في قطاع غزة بعد ان بلغت أقصاها في سنة كاملة من التدمير، وانّ الشروع بمعركة الاسناد الان، يثير تساؤلات جدية حول حقيقة الأهداف.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية