الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أريافنا‭ ‬وأريافهم

بواسطة azzaman

أريافنا‭ ‬وأريافهم

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

 

في‭ ‬لقطات‭ ‬مصوّرة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬يظهر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬وهم‭ ‬يقبلون‭ ‬عتبات‭ ‬بيوتهم‭ ‬ويصلون‭ ‬عندها‭ ‬وقد‭ ‬عادوا‭ ‬اليها‭ ‬مع‭ ‬عمليات‭ ‬استعادة‭ ‬قرى‭ ‬وبلدات‭ ‬في‭ ‬ريف‭ ‬حلب‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬المعارضة‭ ‬السورية‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭. ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬البيوت‭ ‬مجرد‭ “‬خرابات‭” ‬في‭ ‬شكلها‭ ‬العام،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬أبواب‭ ‬ولا‭ ‬شبابيك‭ ‬ولا‭ ‬اثاث،‭ ‬كأنها‭ ‬آثار‭ ‬مندرسة‭ ‬من‭ ‬قرون‭ ‬ماضية‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬أولئك‭ ‬المواطنين‭ ‬السوريين‭ ‬كانوا‭ ‬يقولون‭ ‬انهم‭ ‬فارقوها‭ ‬منذ‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭.‬

في‭ ‬لبنان،‭ ‬البلد‭ ‬المجاور،‭ ‬أظهرت‭ ‬لقطات‭ ‬مصورة‭ ‬كثيرة‭ ‬مواطنين‭ ‬يعودون‭ ‬الى‭ ‬بيوتهم‭ ‬في‭ ‬ارياف‭ ‬وبلدات‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬النار،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭ ‬بيوتا‭ ‬كبيرة‭ ‬وبعضها‭ ‬قصور‭ ‬رائعة‭ ‬التصاميم‭ ‬والتأثيث،‭ ‬تكسرت‭ ‬ابوابها‭ ‬ونوافذها‭ ‬من‭ ‬اثار‭ ‬القصف‭ ‬واغلبها‭ ‬قابل‭ ‬للإصلاح‭ ‬الا‭ ‬ما‭ ‬اصابته‭ ‬الصواريخ‭ ‬مباشرة،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬بيوت‭ ‬كثيرة‭ ‬سليمة‭ ‬بالكامل‭.‬

الفارق‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬بيوت‭ ‬السوريين‭ ‬واللبنانيين‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬التي‭ ‬شاهدناها،‭ ‬وهذا‭ ‬يدعو‭ ‬الى‭ ‬تأمل‭ ‬ظاهرتين‭ ‬،‭ ‬الأولى‭ ‬ان‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬بعد‭ ‬تهجير‭ ‬ونزوح‭ ‬لا‭ ‬يعدلها‭ ‬فرحة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فالبيت‭ ‬المحطم‭  ‬في‭  ‬الوطن‭ ‬اهم‭ ‬من‭ ‬قصور‭ ‬في‭ ‬الغربة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬السوريين‭ ‬النازحين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬بلدات‭ ‬أخرى‭ ‬داخل‭ ‬بلدهم‭ ‬وتحت‭ ‬ظروف‭ ‬عيش‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية‭.‬

والظاهرة‭ ‬الثانية،‭ ‬هي‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬إنفاقاً‭ ‬مالياً‭ ‬كبيراً‭ ‬على‭ ‬بلدات‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان،‭ ‬ربّما‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وليس‭ ‬الدولة،‭ ‬لم‭ ‬يعدلها‭ ‬أو‭ ‬يوازيها‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬مشابه‭ ‬في‭ ‬ارياف‭ ‬المدن‭ ‬السورية‭ ‬الكبيرة‭ ‬مثل‭ ‬حلب‭ ‬او‭ ‬حمص‭ ‬أو‭ ‬حماه،‭ ‬والمسألة‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بفترة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011‭.  ‬إذ‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬أسباب‭ ‬مختلفة‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أضفي‭ ‬عليها‭ ‬مسحة‭ ‬سياسية‭ ‬او‭ ‬اجتماعية،‭ ‬لكنني‭ ‬أرى‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬اعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬أرياف‭ ‬المدن‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬رئاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والخدماتية‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬والحرب‭.‬

‭ ‬هنا‭ ‬أمرّ‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬أليم‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬أرياف‭ ‬العراق،‭ ‬حيث‭ ‬الاهمال‭ ‬واقع‭ ‬جاثم‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬الخدمات‭ ‬فيها‭ ‬عشوائية‭ ‬والطرق‭ ‬بدائية‭ ‬وترابية‭ ‬وخطيرة‭ ‬احياناً،‭ ‬وبعض‭ ‬الأرياف‭ ‬كأنها‭ ‬عوالم‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬بصلة‭ ‬للبلد‭ ‬،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الطبيعية‭ ‬الجميلة،‭ ‬والأموال‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الريف‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الموارد‭ ‬الزراعية‭ ‬او‭ ‬سواها،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬معظم‭ ‬أعضاء‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬منذ‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬ريفية،‭ ‬وكان‭ ‬الأجدر‭ ‬بهم‭ ‬المرور‭ ‬بتلك‭ ‬الديار‭ ‬وايلاء‭ ‬الاهتمام‭ ‬لها‭. ‬

 

fatihabdulsalam@hotmail.com

 


مشاهدات 130
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام
أضيف 2024/11/30 - 12:48 PM
آخر تحديث 2024/12/04 - 7:32 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 421 الشهر 1721 الكلي 10057816
الوقت الآن
الأربعاء 2024/12/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير