الأتراك وعقدة القومية الكردية
هامبرسوم أغباشيان
كردستان تركيا هي جزء من كردستان الكبرى وتخضع للسيطرة التركية حسب معاهدة لوزان التي ابرمت عام 1923 بين العثمانيين والحلفاء على انقاض معاهدة سيفر وتم بموجبها تمزيق كردستان الكبرى، الى كردستان تركيا، والعراق، وإيران ، وسوريا. يشكل الاكراد في كردستان تركيا ، اي المنطقة الخاضعة لسلطة تركيا ( شرق تركيا وجنوب شرق تركيا) المجموعة العرقية السائدة هناك وحسب المعهد الكردي في باريس فأن هناك 20 مليون كردي يعيشون في تركيا، غالبيتهم في كردستان وان الاكراد يشكلون 80بالمئة من سكان تلك المنطقة والأتراك يشكلون 12بالمئة من السكان والبقية هم عرب وكلدان وسريان . وينتشر أكراد تركيا في 21 محافظة من أصل 81 محافظة تشكل الجمهورية التركية.
يدعي القوميون المتطرفون الاتراك ان لا وجود للقومية الكردية ولا وجود للاكراد و الدليل على ذلك حسب ادعائاتهم هو عدم وجودهم أو على الأقل عدم وجود شعب متميز بهذا الاسم له تأريخه وثقافته الخاصة. وهذه النغمة قديمة قدم الجمهورية التركية الحديثة التي أسسها كمال اتاتورك وقبلها بفترة حيث نشرها المفكرون الاتراك العثمانيون الأوائل، وبعد تأسيس الجمهورية التركية تبنى اتاتورك هذه الفكرة التي تم استيعابها ونشرها من قبل مجموعة من القوميين ألاتراك المتطرفين الذين ينتمون إلى (مؤسسة التاريخ التركي) الرسمي (Türk Tarih Kurumu) ، وهناك مجموعة من العسكريين والمدنيين المتقاعدين الذين خدموا في المناطق الكردية يؤيدون هذه النظرية وكذلك مجموعات ينتمون إلى قبائل صغيرة غير معروفة أو مجتمعات ذات هوية عرقية غامضة يحاولون اثبات انتمائهم للقومية التركية. علما ان اتاتورك نفسه كان قد استوعب الفكرة من المفكرين القوميين الاتراك العثمانيين وتعمق بها وطورها وطبقها في دستور الجمهورية التركية الحديثة التي أعلنها في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1923م. ولقد سمى الاكراد (اتراك الجبال) (Dağlı Türkler).
نشر ابحاث
لقد تم نشر العديد من الأبحاث في سبعينيات القرن الماضي حاول فيها المفكرون القوميون الاتراك تقديم أدلة سميت (العلمية) لاثبات الأصول التركية لمختلف القبائل الكردية واللهجات الكردية. ولم يكن هذا بالشيء الجديد ، فالأطروحة القائلة بأن الأكراد هم من أصول تركية لم تكن جديدة تمامًا ؛ فلقد كان هذا هو الموقف الرسمي للدولة أوائل ثلاثينيات القرن العشرين. علما بان معظم مؤلفي هذه الاعمال التي نشرت ارتبطوا بحزب العمل القومي المتطرف ، وهناك مجموعة من المؤلفين الاتراك الذين يصرون على ان جميع قبائل شرق تركيا ، بما في ذلك المعروفة باسم زازا هم في الحقيقة اتراك من آسيا الوسطى ، وان الامبرياليين هم الذين قرروا أن هناك شعب متميزعن الاتراك وهم الاكراد، وقاموا بتأليف الكتب وطباعة المجلات لاستخدامها في تحطيم وحدة الامة التركية وتقسيمها الى أتراك وأكراد بغرض استعباد الجميع.ومما ادعى به المفكرون القوميون الاتراك كون اكراد زازا من أصول تركية، ولكن حسب موقع دائرة المعارف (ويكيبيديا) فان (زازا هم شعب سكن في شرق تركيا يتحدثون تقليديًا لغة الزازا، وهي لغة إيرانية غربية مكتوبة بالنص اللاتيني. ومعاقلهم هي مقاطعات تونجلي وبينكول وأجزاء من مقاطعات إيلازيغ وأرزينجان وديار بكرفي تركيا . ويعتبر الزازا عمومًا أنفسهم أكرادًا وغالبًا ما يصفهم العلماء بأنهم أكراد زازا. لقد عاش الأكراد والزازا لعدة قرون في نفس المناطق في الأناضول).
لقد اهتمت الإمبراطورية الروسية بموضوع الأكراد منذ زمن بعيد وقد يكون اهتمامها لأغراض سياسية تتعلق بعلاقاتها مع الجارة العدوة الإمبراطورية العثمانية واصبح هذا الاهتمام لصالح العنصر الكردي. فقبل حوالي قرن من الزمن قام اثنان من قناصل الإمبراطورية الروسية بالتعاون بشكل وثيق مع المثقفين الاكراد، وقدموا دراسات رسمية عن اللغة والثقافة الكرديتين. فلقد طلب ألكسندر جابا، القنصل الروسي في أرضروم في خمسينيات القرن التاسع عشر من صديقه الملا محمود بايزيدي الذي كان رجل علم ومعرفة ، كتابة لمحات عامة عن الأدب والفولكلور والمجتمع الكردي ، وقام الملا محمود بترجمة الكتاب الشهير (شرفنامه) من اللغة الفارسية الى اللغة الكردية ، و(شرف نامة) هو عبارة عن كتاب ضخم ألفه المؤرخ والشاعر الكردي شرف خان شمس الدين البدليسي بين عامي 1597-1599 م وهو المعروف بالأمير شرف الدين حاكم إمارة بدليس الكردية الواقعة غرب بحيرة وكان له اهتمام كبير بالعلم والمعرفة والتاريخ الكردي . ويبحث الكتاب في تاريخ الدول والإمارات الكردية في العصور الوسطى والحديثة إلى نهاية القرن السادس عشر الميلادي . ولقد قام القنصل أيضا باصدار كتاب بعنوان تاريخ الإمارات الكردية، وجمع بعدها أول قاموس كردي .بعد حوالي ستين عاما، تواصل القنصل باسيل نيكيتين، الذي كان القنصل الروسي في اورميا في الفترة( 1915-1918)، مع رجل دين كردي آخر وهوالملا ميلاد سعيد قاضي الذي كتب له سلسلة من النصوص الكردية عن الدين والمجتمع والتي شكلت الأساس لكثير من كتابات نيكتين العلمية اللاحقة عن الاكراد. ولقد بدأ فلاديمير مينورسكي وهو مثقف ودبلومسي روسي ، بدأ حياته المهنية في الخدمة الدبلوماسية للحكومة القيصرية ونشر مقالات في موسوعة الإسلام وقد شكلت المقالات التي نشرها مصادر تعريفية موثوقة عن الاكراد وكردستان لفترة طويلة.
كان للقوة الإمبريالية الكبرى الأخرى نشطاء سياسيون كتبوا بشكل رسمي عن الاكراد ( وكان لهم تعاملات
مباشرة مع القوميين الأكراد)، مثل مارك سايكس ، إيلي بي سوان، إدوارد نوي، والرائد أدوارد نويل
الذي سافر بالفعل عبر شرق الأناضول في عام 1919 لتقييم درجة الالتزام القومي للقبائل الكردية وقام مع سيسيل إدموندز دراسة الواقع الكردي ، وانخرطوا بنشاط في فصل الأكراد في الجنوب عن تركيا.
(ولد في دياربكر عام 1876 وتوفي في أسطنبول عام 1924 )،Ziya Gökalp:يعتبر ضياء كوكالب
من المفكرين الاتراك القوميين المتطرفين ، وهو منظر قومي تركي وعالم اجتماع عثماني. كاتب، وشاعر وسياسي، ومن اباء الفلسفة الطورانية المتطرفة. أشتهر أيضا بلقب (أبو القومية التركية) وأعتنق (الأيديولوجية التركية العالمية الشاملة) وبذل جهده كلها في سبيلها، والتي طبقت بعد وفاته من قبل مصطفى كمال أتاتورك.كان كوكالب نائبا في مجلس النواب وعمل في تطوير فكرة القومية التركية واعتقد انه يجب على الامة لكي تدوم ، ان تملك وعيا مشتركا. وان الدولة الحديثة يجب ان تكون متجانسة من الناحية الثقافية والدينية والهوية الوطنية. هذا المفهوم للهوية القومية دمج مع ايمانه بصدارة القومية التركية كميزة موحدة. وقد نشر عام 1919 مقالا اعتبر فية ان الاتراك رجال خارقون. ولقد دعا إلى تتريك الامبراطورية العثمانية، بفرض اللغة والثقافة التركية على جميع المواطنين في الدولة العثمانية.درس الرياضيات والتاريخ واللغتين العربية والفارسية. وقد عانى من التخبط بين العلوم الدينية التي تلقاها عن عائلته والعلوم الفلسفية التي درسها في الثانوية. كان واحداً من المنظرين والمرشدين الأوليين للجنة الاتحاد والترقي، وأنضم الى جمعية الاتحاد والترقي ونشر عدة صحف والعديد من الكتب التي تعبر عن أفكاره. واعتبر كونه مفتاح القوة الايديولوجية التي سببت الإبادة الأرمنية اثناء الحرب العالمية الأولى والتي كانت غايتها تصفية هذا العنصر.بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية، سعى للبحث عن هوية قومية جديدة.
ثقافة عالمية
وقد اختصرفكرته بقوله «التتريك، والإسلامية، والمعاصرة»، ولقد أيد بان الثقافة العالمية عنصر إيجابى في الثقافات الوطنية ووضع الأدب الشعبي في مواجهة أدب الطبقة العليا .وكان يعتبر الدين عنصر مساعد في ضمان التماسك الاجتماعى.في عام 1919 تم القبض عليه من قبل الإنكليز ؛ وتمت محاكمته مع مجموعة كبيرة من رجال الحكم الاتحاديين بتهمة إبادة الأرمن، وحكم عليه وعلى غيره من الاتحاديين بالنفى إلى جزيرة مالطا، وعاد إلى إسطنبول بعد انقضاء عامين في المنفى، وفي عام 1923 تم تعيينه بلجنة التأليف والترجمة التابعة للدولة وطرح كتابه المشهورباسم (أساسيات القومية التركية)، واختير نائباَ عن ديار بكر للمجلس الوطنى الكبير من قبل أتاتورك. توفى في عام 1924 في إسطنبول. لم يكن كوك ألب المتطرف القومي التركي الأول، لكنه هو الذي حدد مفهوم القومية التركية ومكانتها.اعترف كوك ألب بالاكراد كمجموعة ثقافية متميزة غير تركية، وتعاون مع المثقف الكردي البارز خليل خيالي (1864-1946) في الشؤون الثقافية الكردية. وكان خليل خيالي أحد الذين أولوا الإهتمام بخدمة اللغة الكرديه باعتبارها العامل الأهم لحفظ هوية الأمة الكردية.
لقد اعتبر كمال اتاتورك الذي كان متأثرا بافكار كوك ألب، اعتبر كل شعب تركيا (باستثناء المجموعات العرقية مثل الأرمن والغجروغيرهم) أتراكًا من حيث النسب. وأصبح هذا المبدأ الرئيسي للعقيدة الكمالية ومن المهام الرئيسية التي انيطت لمؤسسة التاريخ التركي الرسمي (Türk Tarih Kurumu) ، التي تأسست عام 1930 بمبادرة من مصطفى كمال، وكانت تهدف إلى توفير الدليل العلمي للأطروحة القائلة بأن كل الحضارات العظيمة التي قامت على الأراضي التركية (أو العثمانية) مثل الحضارتان الحيثية والسومرية، قد تم تأسيسها من قبل الغزاة الأتراك من آسيا الوسطى وكذلك إظهار أن الثقافة التركية كانت راسخة بقوة في المنطقة وأنه كان هناك تواجد تركي مستمر منذ آلاف السنين وأن جميع المجموعات العرقية المعاصرة في تركيا كانت أيضًا من أصل تركي نقي. وسرعان ما ظهرمؤلفون من المنطقة الكردية حاولوا إثبات ان جميع القبائل الكردية كانوا من أتراك آسيا الوسطى.في عام 1923، نشرالطبيب الكردي محمد شكري صكبان مقالاً بعنوان “ماذا يريد الأكراد من الأتراك”، طالب فيه الاعتراف بالأكراد كشعب متميز وأكد بان مشروع كوك ألب لاستيعاب الأكراد على وشك الفشل، مؤكدا بانه لم يتم صهر الأكراد خلال 400 سنة من الحكم العثماني ولا يمكن فعل ذلك الان. ولقد نشر الكاتب أفكاره في كتاب باللغة الفرنسية عام 1933 وتم ترجمتها الى التركية.
ولقد ساهم المثقفون من النخبة الحديثة من الاكراد الذين تعلموا اللغات الأجنبية من خلال المنح الدراسية الأوروبية وأصبحوا على دراية حول ما نشر عن اللغة والثقافة والتاريخ الكردي في نشر ما يتعلق بالثقافة الكردية وكذلك التاريخ الكردي، وظهرت كتاباتهم في أولى المجلات الكردية (1898-1902) ، حيث تم نشر مقتطفات من قصة “مم وزين” الشعرية، التي جرت أحداثها في عام 1393، في قصر الأمير الكردي، زين الدين، الذي كان يحكم منطقة جزيرة بوطان ولقد كتبها الأديب والشاعر الكردي، أحمد خاني، في القرن السابع عشر وكذلك شرفنامه وكثيرا ما أشاروا إلى صلاح الدين من أجل تعزيز إحساس قرائهم بالتاريخ الكردي.
في ستينيات القرن الماضي أسس الاكراد أول جمعية كردية مرخصة في الجمهورية التركية باسم ، منظمة (المواقد الثقافية الثورية في الشرق) . وابتداء من عام 1967، نظمت الجمعية سلسلة من الاجتماعات العامة، تناولت فيها مشاكل الأكراد وكردستان مثل التخلف الاقتصادي والتمييز والقمع الثقافي وتمت مناقشة هذه المواضيع وصياغة المطالب الاجتماعية والاقتصادية لللاكراد، وتم تعبئة الجماهيرالكردية لمطالبة حقوقها ، ولاحقا تم تأسيس منظمة بنفس الاسم في انقرة في عام 1969، وسرعان ما تبعتها منظمات مماثلة في إسطنبول وديار بكروسيلفان وإرغاني وباتمان وكوزلوك وبشيري وكولب.
وبعد الانقلاب العسكري في 12 مارس عام 1971، تم حظر منظمة (المواقد الثقافية الثورية في الشرق) على الفور وتمت محاكمة قادتها بتهمة القيام بأنشطة معادية للوطن وإضعاف المشاعر الوطنية وتقويض استقلال الأمة ووحدتها ومحاولة فصل المناطق الكردية عن سيادة الدولة. بدأت لائحة الاتهام مع تكرار أطروحة أن الأكراد كانوا دائما أتراكا، وان أي تميزعن الهوية التركية هو عمل مناهض للقومية.
في عام 1978، أسس عبد الله أوجلان ورفاقه حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي نادى بتأسيس دولة مستقلة في تركيا. ثم بدأ الحزب الصراع المسلح بعد ست سنوات من تأسيسه. ومنذ ذلك الحين، قتل أكثر من 40 ألف شخص اغلبيتهم من الاكراد وتم تدمير أكثر من 3 آلاف قرية كردية وتهجير سكانها إلى غرب تركيا بعيدا عن مناطقهم الاصلية. وفي تسعينيات القرن الماضي، تراجع حزب العمال الكردستاني عن مطلب الاستقلال، وطالب بالحقوق الثقافية والسياسية وتحقيق نوع من الادارة الذاتية مع استمرار القتال. وفي عام 2012، بدأت محادثات السلام بين الحكومة التركية والحزب، وفي عام 2013 تم التوصل لوقف إطلاق النار بين الطرفين ، وطلب من مقاتلي حزب العمال الكردستاني التراجع إلى شمال العراق. انهار وقف إطلاق النار في تموز عام 2015، والصراع مستمر بين الطرفين لحد اليوم.
لم يثني ضغط الحكومة ولا الصراع الدموي بين الحكومة والاكراد المفكرون الاكراد والطبقة المثقفة عن البحث عن جذور القومية الكردية، وبمجرد أن بدأ الأكراد في البحث والكتابة عن تاريخهم، ظهرت الأطروحة الطورانية على حقيقتها وتم تهميش فكرة الطورانية تدريجياً وبقيت مقبولا فقط لدى المفكرين القوميين الاتراك الذين هم في أقصى يمين الطيف السياسي. ومع الاسف حصلت فرصة جديدة لانتعاش الفكرة الطورانية ورجوعها الى الحياة في الادعاء بان الاكراد هم من الأصل التركي في أعقاب انقلاب عام 1980 في تركيا. فلقد تم إعادة طبع معظم الكتب السابقة التي يدعي مؤلفوها بان الأكراد هم من أصول تركية إلى جانب نشر بعض الإصدارات الجديدة، وكانت الطبعات الجديدة رخيصة وتم توزيعها على نطاق واسع مجانًا. ومع هذا وبحلول نهاية العقد، كانت الحركة الكردية المسلحة والقوى المدنية التي تدعمها قد اكتسبت الكثير من القوة لدرجة أن المثقفين والسياسيين بدأوا تدريجياً في قبول فكرة ما أسماه البعض وجود “الواقع الكردي”. ولقد ذهب الاكراد الى ابعد من ذلك وذلك بادعائهم ان الحيثيين الذين هم من اقدم الحضارات في المنطقة هم اسلافهم في حين ادعى الاتراك بانهم احفاد الحيثيين والسومريين.
ان الامة الكردية حالها حال كل امة تحتاج إلى رموزقومية لتوحيد أعضائها ومنحهم الشعور بالهوية المشتركة. وربما يكون التاريخ الوطني في هذه الحالة أقوى رمز وطني ويخبر الناس من أين أتوا ، ويمنحهم أبطالًا يفخرون بهم، ويشرح سبب اختلافهم عن الآخرين.
كان السرد الرسمي للتاريخ في تركيا مهيمناً علية ذات يوم من قبل الدولة وكان تعريف الحقائق التاريخية حكرا للجهات الرسمية، لكن الوضع مختلف حاليا، فالذين يأخذون ادعاءات الجهات الرسمية على محمل الجد هم الان قلة في الوقت الذي يحاول فيه المؤرخون الاكراد إثبات وجود الأكراد منذ فترة طويلة كشعب مستقل عن بقية الشعوب، ويقدمون الدلائل التي غالبًا ما تكون بعكس الادعاءات الرسمية والسرد الرسمي للتاريخ من قبل الدولة ، وينكر المؤرخون الاكراد التأثيرات التركية (والعربية) على الثقافة الكردية.
إن كتابة التاريخ القومي لاية أمة هي جزء من الصراع السياسي، ولقد بذل الاكراد جهودا كبيرة لكتابة تاريخهم الخاص. فبالرغم من عدم وجود دولة كردية وحكومة يمكنها رعاية مثل هذا العمل الكبير، استطاع المثقفون والمؤرخون الأكراد في كتابة تاريخهم القومي ونجحوا إلى حد ما في الطعن في ادعاءات التاريخ الرسمي لتركيا، واحيانا بالغوا في كتاباتهم .وفي الفترة الأخيرة بدا أسلوب كتابة التاريخ الكردي يتطور أيضًا وتبنى الأسلوب الأكاديمي في البحث والكتابة واكثر دقة في كتابة التاريخ الكردي، وبدا هذا يحل تدريجيا محل الجهود السابقة. وفي الستينات والسبعينات من القرن الماضي درس عدد من الأكراد العراقيين في الاتحاد السوفييتي وعاداو إلى العراق ليؤسسوا تقليداً أكاديمياً لدراسة وبحث التاريخ وكان عميد المؤرخين
المؤرخ الكبيرالدكتور كمال مظهر أحمد (1937-2021)
الأكراد العراقيين وأشهرهم هو المؤرخ العالم الدكتور كمال مظهر أحمد (1937-2021) (رحمه الله)، وهناك عدد من اللاجئين السياسيين من اكراد تركيا في السويد ، ومنهم روهات العكوم، ومالميسانيج “م. طيفون” ومحمد أوزون، الذين درسوا وطوروا أنفسهم في التسعينيات من القرن الماضي واصبحوا من المساهمين في كتابة تأريخ الأكراد .
روهات العكوم ومحمد أوزون
ومحمد أوزون(1953-2007)(رحمه الله) ، كاتب روائي كردي زازاي معاصر. ولد في أورفة في تركيا. وعلى الرغم من أن اللغة الكردية كانت محظورة في تركيا من عام 1920 إلى عام 1990، إلا أنه بدأ الكتابة بلغته الأم ككاتب وحقق الكثير من أجل تشكيل لغة أدبية كردية حديثة وإحياء التقليد الكردي في سرد القصص. وقام بتاليف عشرات الروايات والمقالات باللغة الكردية في المنفى في السويد حيث كان لاجئا سياسيا ، واصبح عضوًا مؤسسًا للأدب الكردي الحديث باللهجة الكرمانجية.. وبعد عقد من الزمان ظهرالجيل الثاني من المهاجرين الشباب الاكراد في أوروبا، الذين دخلوا الجامعات واصبح العديد منهم مؤرخين ممارسين. وفي الوقت نفسه، غيرت الجامعات في تركيا استراتيجيتها تدريجياً تجاه الدراسات المتعلقة بالاكراد وسمحوا للطلاب بكتابة الأطروحات حول التاريخ الكردي.
ان عدد المؤرخين الأكراد الأكاديميين اليوم في الشتات وكذلك في تركيا ( وبدرجة اقل في العراق)، قد وصل الى حد يمكن لهؤلاء حماية تاريخهم.
ويشكل الاكراد اليوم مجموعة متميزة، يجمعها العرق والثقافة واللغة، رغم عدم وجود لهجة موحدة. كما أنهم ينتمون لمختلف الأديان والمذاهب.
لوس انجلس كاليفورنيا (آب 2024)
----------------------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
-Martin van Bruinessen, ‘The Kurds as objects and subjects of historiography:
(Turkish and Kurdish nationalists struggling over identity)
- ar.wikipedia.org › wiki › مصطفى كمال أتاتورك - ويكيبيديا
- ar.wikipedia.org › wiki › الزازا - ويكيبيديا
- https://www.bbc.com/arabic/middleeast-50003693
- https://www.kurdipedia.org/default.aspx?q=20220530235026415538&lng=8
- https://www.bbc.com/arabic/magazine-5590163