المطربون بين البداية والإعتزال
قاسم ماجد
في احدى الحفلات التي كانت تقيمها أم كلثوم شهريا وقد قارب حينها عمرها على الستين أنبرى لها احد الحاضرين من الجمهور بصوت عال وقال ياست ( الأولى في الغرام ) ردت عليه كوكب الشرق (دكان زمان دلوئتي ميصحش) لأنها تدرك تماما أن الاغنية صعبة وتحتاج إلى جهد في الأداء وصوتها لا يسعفها بقول هكذا جمل صعبة في هذا العمر وهي التي كانت قد غنتها في بدايه مشوارها الفني والحال ينطبق على الراحل محمد عبد الوهاب فبعد تقديمه اغنية( هان الورد) في الخمسينيات اعلن بعد الانتهاء من الاغنية اعتزاله الغناء وهذه الشواهد يجب أن تكون دروس تتعلم منها الأجيال لانها تعطي إشارة ان للعمر أحكام ولايمكن تخطيها .وفي عصرنا هذا هناك بعض المطربين دخلت أعمارهم في العقد السابع والثامن وهم ما يزالون مصرين على الاستمرارية في الغناء على الرغم من انهم يدركون جيدا أنّ اصواتهم قد شاخت مثل ماشاخت أبدانهم وهذه سنة الحياة فالإنسان له عمر معين وطاقة محدودة لا يمكن أن يتجاوزها مع تقدم العمر و يوهمون أنفسهم بأن اصواتهم ما زالت في نفس البريق والقوة وأن تاريخهم الطويل قد يشفع لهم عند الجمهور . وللأسف تخرج الأغاني دون المستوى من حيث الأداء الركيك و الخروج عن التون و الإيقاع ويصل إلى النشاز أحيانا ويبدو الصوت بالي خال من الجمال والزخارف والحلي بسبب ضعف الصوت والأداء ، وقد يسأل البعض هناك مطربين لم تشخ أصواتهم ومطربين شاخت أصواتهم بسرعة. وهذه تخضع لعوامل عدة أولها التركيب الجسماني للإنسان المتمثل في الجسم السليم القوي والاستمراية وتمارين الصوت تعطي اللياقة والقابلية على الاستمرار على مواصلة الغناء وخير مثال على ذلك هم قرّاء المقام العراقي ترى أغلبهم تجاوز ت اعمارهم السبعين وأصواتهم لا تزال تعطي وقوية وتودي الجمل الصعبه مثل الميانات (الجوابات) . وبطبيعة الحال فإن الأصوات البشرية تتأثر عند تقدم العمر لذلك أغلب المطربين تنزل درجات اصواتهم لذا يضطر المطرب على الغناء في درجات واطئة ، وفي الاخر الصوت عبارة عن أوتار تتأثر وتتغير كالشكل والجسم مع تقدم الزمن فعلى المطرب أن يدرك اين وصل صوته و كيف يتعامل معه . وإذا لم يستطيع السيطرة على صوته فالاجدر ان يعلن اعتزاله ولا يصر على الغناء بصوت مرهق و تعبان ومليان عيوب لاتتقبله الأذن حينها يضع نفسه في حرج كحال لاعب كرة القدم حين يطالبه الجمهور بالاعتزال من خلال الصفارات واطلاق الكلمات التي تطالبه بترك الملعب وهم نفس الجمهور الذين صفقوا له من قبل لذا أقول على المطرب أن يدرك أن هذه سنة الحياة ولايظل يتكعز على تاريخه بل يبقى محافظ على صورته ولا يكون محط للسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي والمشكلة أنه يقرأ كل ما يكتب ضدة من قبل الجمهور وهو مصر عل الغناء على الرغم انه يدرك أن صوته لايسعفه والزمن لا يرحم.