الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السين‭ ‬يضحك‭ ‬ودجلة‭ ‬يبكي

بواسطة azzaman

السين‭ ‬يضحك‭ ‬ودجلة‭ ‬يبكي

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

نهر‭ ‬السين‭ ‬الذي‭ ‬مخرت‭ ‬في‭ ‬عبابه‭ ‬مواكب‭ ‬فرق‭ ‬رياضيي‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬سفن‭ ‬مزهوة‭ ‬بالأعلام،‭ ‬وكان‭ ‬النهر‭ ‬العلامة‭ ‬الفارقة‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬افتتاح‭ ‬أولمبياد‭ ‬باريس،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬الاحتفالي‭ ‬التاريخي‭ ‬الضخم،‭ ‬أثار‭ ‬شجوني‭ ‬وأحزاني‭ ‬على‭ ‬نهري‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات،‭ ‬وهما‭ ‬يعانيان‭ ‬الإهمال‭ ‬في‭ ‬ضفتيهما،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬رأينا‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ ‬وقد‭ ‬شغلته‭ ‬العناية‭ ‬الجمالية،‭ ‬فلم‭ ‬تدع‭ ‬مترا‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬ضفتيه،‭ ‬إلا‭ ‬وجعلت‭ ‬عليه‭ ‬اللمسة‭ ‬التاريخية‭ ‬والتراثية‭ ‬والحضارية‭ ‬التي‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬وهي‭ ‬تروّج‭ ‬للأولمبياد،‭ ‬والتي‭ ‬ينتظرها‭ ‬العالم‭ ‬بشغف‭.‬

لنعد‭ ‬الى‭ ‬أنهارنا‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬ينقصها‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬علامات‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬مدننا‭ ‬وعاصمتنا،‭ ‬نبرز‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الوجوه‭ ‬الحضارية‭ ‬والتاريخية‭ ‬لبلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬والمهرجانات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬العربي‭ ‬والدولي‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬للعراق‭ ‬فرصة‭ ‬تنظيمها‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الرياضة‭ ‬أو‭ ‬الفنون‭ ‬أو‭ ‬الثقافة‭ ‬والتجارة‭ ‬والعلوم‭.‬

يمر‭ ‬دجلة‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬العراق‭ ‬حزينا،‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬الجفاف‭ ‬العالمي،‭ ‬أو‭ ‬حبس‭ ‬مياه‭ ‬المنبع،‭ ‬لكنه‭ ‬حزين‭ ‬كأنه‭ ‬يرى،‭ ‬بوصفه‭ ‬شاهدا،‭        ‬ضفافا‭ ‬متآكلة،‭ ‬وبلديات‭ ‬فاشلة‭ ‬وجاهلة‭. ‬

يمر‭ ‬دجلة‭ ‬كما‭ ‬يمر‭ ‬الفرات‭ ‬في‭ ‬منحنيات‭ ‬وسهول‭ ‬ومرتفعات‭ ‬ووديان‭ ‬طبيعية‭ ‬خلابة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬تلك‭ ‬المعطيات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فتح‭ ‬نوافذ‭ ‬للسياحة‭ ‬أو‭ ‬الإعداد‭ ‬لاستخدام‭ ‬عناصر‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الوجه‭ ‬الثري‭ ‬والعميق‭ ‬لبلاد‭ ‬أقدم‭ ‬عمرا‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬بلدان‭ ‬الدنيا،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يد‭ ‬الإهمال‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬هي‭ ‬الأعلى‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أيدي‭ ‬الإهمال‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الكوكب‭.‬

لتقل‭ ‬لنا‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬والسياحة،‭ ‬ومعها‭ ‬امانة‭ ‬بغداد،‭ ‬وكذلك‭ ‬وزارة‭ ‬التخطيط‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المؤسسات،‭ ‬ماذا‭ ‬عملوا‭ ‬لخدمة‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات‭ ‬في‭ ‬تحويلهما‭ ‬الى‭ ‬عناصر‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬الهوية‭ ‬الجمالية‭ ‬والحضارية‭ ‬للعراق‭.‬

حتى‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬الملكي،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬عناية‭ ‬بضفاف‭ ‬الأنهار‭ ‬بجهود‭ ‬ذاتية‭ ‬قليلة،‭ ‬وكانت‭ ‬المنتجعات‭ ‬السياحية‭ ‬الصغيرة‭ ‬متنفسا‭ ‬للأهالي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات،‭ ‬لكن‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لاجتهادات‭ ‬أو‭ ‬جهود‭ ‬فردية،‭ ‬وانما‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬قرار‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الطاقة‭ ‬الجمالية‭ ‬والحضارية‭ ‬والتسويقية‭ ‬لنهري‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الهوية‭ ‬العامة‭  ‬للبلد‭.‬
الإهمال‭ ‬وغياب‭ ‬الرؤية،‭ ‬وتراجع‭ ‬المهارات‭ ‬الجمالية‭ ‬والذوقية‭ ‬والهندسية،‭ ‬عوامل‭ ‬أشد‭ ‬فتكا‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬العالمي‭ ‬ضد‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات،‭ ‬داخل‭ ‬مدننا‭. ‬

 

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 31
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/07/27 - 3:08 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 7:01 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 363 الشهر 11726 الكلي 9373798
الوقت الآن
السبت 2024/7/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير