لا ينبغي أن نحكم بصورة عمياء متعصبة عن ما كل ما يستجد في الحياة من تغيرات وتطورات، وهي مسائل حتمية لا يمكن ايقاف عجلة حدوثها بفعل عدد كبير، وكبير جداً، من عوامل ومسببات.
وفي خضم هذا السياق تقف وسائل التواصل الاجتماعي في قلب هذه التغيرات والتطورات في عصرنا الحديث.
لقد تعددت وتنوعت وسائل التواصل الاجتماعي، ونريد بها بالطبع الرقمية من سمعية وبصرية ومرئية، وباتت تأخذ وقتاً طويلاً نسبياً في انشغالاتنا اليومية معها. كما أنها أصبحت أكثر العوامل تأثيراً في هشاشة التواصل والحميمية الأسرية! فليس منظراً غريباً ان يجلس كل فرد في العائلة في غرفته أو خلوته، وفي الأقل في عالم انشغاله الخاص بهاتفه الخلوي.
فمن ناحية أصبح المرء على تواصل مع المئات والآلاف من الناس على حسابات الفيس بوك والواتس أب والانستغرام وغيرها، بينما لا يتحدث كثيراً مع اخواته واخوته أو والديه أو أقاربه من ناحية أخرى.
لم تعد الموضوعات الأسرية من الضرورة والجاذبية بمكان لتحاكي غيرها التي اعتدنا على الاهتمام بها اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، المسموحة وغير المسموحة، الأخلاقية وغير الأخلاقية. فمن خلال وسائل التواصل تدخل الى عوالم لا حد لها في الموضوعات والحكايات والنوادر والمشوقات والمثيرات، ووفق ما تريد وترغب وتشتهي، بارادة حرة وأحياناً باسلوب شبه مكره!
كل هذا أبعدنا عن تقاليد علاقاتنا الأسرية وممارسة حواراتنا والاستماع الى بعضنا البعض. ربما كان المذياع والتلفاز أولى الأجهزة التي كانت قد بدأت مشوار اعادة تشكيل العلاقات داخل الأسرة، لكنها لم تصل الى درجة ما تركته اليوم وسائل التواصل الاجتماعي وبرامجه وامكاناته من تأثيرات في “تهشيم” شبكة العلاقات الأسرية.
ويبقى التساؤل في الختام: ما الذي يجب أو يمكن عمله في التعامل مع مثل هذه المستجدات التي يفرضها تطور الحياة في جوانبه العلمية والثقافية والاجتماعية، من أجل الاستفادة منه في جوانبه الايجابية، من ناحية، وتجنب جوانبه السلبية من ناحية ثانية؟ ابى أين نحن ماضون في رقمنك واقع حياتنا ومحاكاة