فاتح عبد السلام
سنة بعد سنة والبلد يفقد المزيد من الغطاء النباتي، ذلك الغطاء البسيط الذي لم يكن له تأثير قوي أو صلة مؤثرة مع المناخ والمياه الجوفية والتربة والرياح والسياحة. والمشكلة عالمية للدول خطط في مواجهتها، اذ رصدت دراسة أجراها فريق من علماء البيئة تقلص مساحة غابات الجبال على كوكب الأرض بنسبة 7% خلال 20 عاما الماضية، وبما يزيد عن مساحة ألمانيا أو فرنسا.
مرت على العراق ظروف قاهرة في أيام الحروب والحصار، جرى فيها استباحة الغطاء النباتي والحرجي، وشهدنا في أيام شحة وقود التدفئة في الحروب كيف كان المواطنون يقطعون أي شجرة ويجعلونها وقودا للطبخ او التدفئة.
كانت في البصرة “غابات” من النخيل جرى تجرف الكثير منها لأسباب تخص انتشار القوات العسكرية في زمن الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات. وكذلك في الموصل منطقة بمحاذاة دجلة تسمى “الغابات” موجودة منذ اربعينيات الاقرن الماضي، لكنها تقلصت واصابها الضرر، والأهم من ذلك انه لا توجد خطط لتنميتها وتوسيعها، بل انّ الغابات الإسمنتية زحفت عليها وتكاد تخنقها.
لماذا لا تقوم المحافظات التي لها شواطئ من نهري دجلة والفرات بحملات تشجير ملايين الأشجار لنحصل بعد عقد من الزمان على كنز من الثروة النباتية التي اكتشف العلم علاقتها الحاسمة مع التغير المناخي والمياه.
كنّا نتمنى لو انّ البدائل الاسمنتية في المباني المتوالدة والعشوائية التي باتت هي الشغل الشاغل لاستغلال الأراضي، ذات مستوى جمالي لائق، إذ انَّ معظمها عشوائي التصاميم وسيء من حيث المنظر العام ولا يمتلك وظائفية تخدم تخطيط المدن المفترض.
لم نشهد مبادرات وطنية كبيرة لتشجير العراق، ولو وظفت الأحزاب عناصرها و مليشياتها في هذه المهمة النبيلة والوطنية لغسلت شيئاً ولو يسيراً من الأدران التي لحقت بسمعتها واسمائها في خلال عشرين سنة من التخبط الوزاري والبرلماني والسياسي.
المهمة مشتركة العناصر والابعاد، ويمكن أن تضطلع بتنظيمها عدة وزارات، ثمّ تناط الى هيئة وطنية لتشجير العراق، بخطة معلنة تشترك فيها جميع الإمكانات والفعاليات. والمسألة يجب ألا تقف عند حزام أخضر حول المدن، وانّما إعادة الإفادة من التشجير لصنع ثروة وطنية زراعية جديدة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية