الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإرهاب‭ ‬اللغوي على‭ ‬حائط‭ ‬الفيسبوك

بواسطة azzaman

الإرهاب‭ ‬اللغوي على‭ ‬حائط‭ ‬الفيسبوك

علي السوداني

 

قال‭ ‬لي‭ ‬صاحبي‭ ‬البارد‭ ‬إنَّ‭ ‬الخلاف‭ ‬لايفسد‭ ‬للود‭ ‬قضية‭ ‬وأطفأ‭ ‬شاشته‭ ‬ومضى‭ !!‬

ولقد‭ ‬تبين‭ ‬لي‭ ‬ولكم‭ ‬ربما‭ ‬،‭ ‬وبعد‭ ‬تجريب‭ ‬وقياس‭ ‬وفحص‭ ‬وتمحيص‭ ‬وتحميص‭ ‬وتفاعل‭ ‬وتجربة‭ ‬عمرها‭ ‬إحدى‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬وربع‭ ‬نيّف‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬الجدل‭ ‬على‭ ‬حائط‭ ‬الفيسبوك‭ ‬الشاسع‭ ‬،‭ ‬يفسد‭ ‬الود‭ ‬وقضاياه‭ ‬ويصخّر‭ ‬القلب‭ ‬،‭ ‬ويدمر‭ ‬الفكرة‭ ‬ويبول‭ ‬على‭ ‬المعنى‭ ‬،‭ ‬ويسقي‭ ‬مزرعة‭ ‬الشيب‭ ‬المشتعلة‭ ‬فوق‭ ‬الرأس‭ ‬واللحية‭ ‬والمنخرين‭ ‬،‭ ‬ويقصر‭ ‬العمر‭ ‬ويزيد‭ ‬أسباب‭ ‬زيارة‭ ‬مشفى‭ ‬المجانين‭ ‬،‭ ‬ويجعل‭ ‬الطلاق‭ ‬بالثلاث‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬نبش‭ ‬الطواحين‭ ‬بعود‭ ‬ثقاب‭ ‬مستعمل‭ ‬،‭ ‬ويذهب‭ ‬بالمتجادلين‭ ‬المساكين‭ ‬صوب‭ ‬طقطوقة‭ ” ‬آخر‭ ‬الدواء‭ ‬الحظر‭ ” ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬الدخول‭ ‬الاكراهي‭ ‬بمعارك‭ ‬تسمى‭ ‬باردة‭ ‬لأن‭ ‬السلاح‭ ‬الفتاك‭ ‬المستخدم‭ ‬بين‭ ‬المتحاربين‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬وغاها‭ ‬هو‭ ‬العنف‭ ‬اللغوي‭ ‬المفرط‭ ‬وقصف‭ ‬الحروف‭ ‬التي‭ ‬ستبدو‭ ‬تالياً‭ ‬مثل‭ ‬هاونات‭ ‬تتصادى‭ ‬وتعوي‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الحرام‭ .‬

بعد‭ ‬انفناء‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬تجربتي‭ ‬الفيسبوكية‭ ‬المضنية‭ ‬بمسراتها‭ ‬وأوجاعها‭ ‬وأوهامها‭ ‬اللذيذة‭ ‬،‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬الخبرة‭ ‬الكافية‭ ‬لتحصين‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬كدمات‭ ‬وشظايا‭ ‬هذا‭ ‬الكائن‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تصنيعه‭ ‬بطريقة‭ ‬ممنهجة‭ ‬ومدروسة‭ ‬وذكية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحويل‭ ‬البشر‭ ‬الى‭ ‬كائنات‭ ‬ألكترونية‭ ‬يابسة‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قيادتهم‭ ‬صوب‭ ‬حتوفهم‭ ‬التي‭ ‬أقساها‭ ‬هو‭ ‬صنع‭ ‬البلبلة‭ ‬الفكرية‭ ‬والتدويخة‭ ‬التأريخية‭ ‬وخلع‭ ‬اليقين‭ ‬بتفريخ‭ ‬قصص‭ ‬وأنباء‭ ‬تبدو‭ ‬لجل‭ ‬القارئين‭ ‬أنها‭ ‬أنباء‭ ‬مستلة‭ ‬من‭ ‬دفتر‭ ‬اليقين‭ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬بداية‭ ‬لنصب‭ ‬الفخاخ‭ ‬وتغيير‭ ‬الوقائع‭ ‬وتزوير‭ ‬التأريخ‭ ‬وتدمير‭ ‬الكتلة‭ ‬الروحية‭ ‬العالية‭ ‬لتحل‭ ‬محلها‭ ‬التافهات‭ ‬المسطحات‭ ‬الناقصات‭ ‬المنفوخات‭ ‬بغير‭ ‬حق‭ ‬،‭ ‬فتضيع‭ ‬الآداب‭ ‬والفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬كلها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجها‭ ‬بوساطة‭ ‬برامج‭ ‬ساحرة‭ ‬آخرها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المتوحش‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬المولود‭ ‬المخيف‭ ‬سيتكفل‭ ‬بأن‭ ‬يصنع‭ ‬لك‭ ‬لوحة‭ ‬وصورة‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬ومنحوتة‭ ‬وقصيدة‭ ‬وقصة‭ ‬ورواية‭ ‬بضغطة‭ ‬زر‭ ‬مكرورة‭ ‬وبزمن‭ ‬قليل‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬يستولي‭ ‬على‭ ‬وظيفتك‭ ‬التي‭ ‬أحرقت‭ ‬قلبك‭ ‬وأشعلت‭ ‬رأسك‭ ‬،‭ ‬فتقعد‭ ‬ملوماً‭ ‬محسوراً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ذهبت‭ ‬الريح‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬تشتهي‭ !!‬

على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬جداً‭ ‬أعتبر‭ ‬تجربتي‭ ‬بهذا‭ ‬الباب‭ ‬ناجحة‭ ‬ومبهجة‭ ‬وطيبة‭ ‬،‭ ‬والسبب‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬الصارمة‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬مخلوق‭ ‬السيد‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرغ‭ ‬الرهيب‭ .‬

أنشر‭ ‬مادة‭ ‬واحدة‭ ‬كل‭ ‬يومين‭ ‬،‭ ‬وأرى‭ ‬صفحتي‭ ‬على‭ ‬جهاز‭ ‬الحاسوب‭ ‬بالبيت‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬هاتفي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الصنف‭ ‬الذي‭ ‬استعملته‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬وعشرين‭ ‬سنة‭ .‬

خنقت‭ ‬البريد‭ ‬الألكتروني‭ ‬وجعلته‭ ‬للرسائل‭ ‬القصيرة‭ ‬جداً‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬أستعمل‭ ‬مهاتفات‭ ‬ومكالمات‭ ‬الصوت‭ ‬والصورة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬أحتج‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬سوى‭ ‬الى‭ ‬ساعة‭ ‬أو‭ ‬ساعتين‭ ‬يومياً‭ ‬للتصفح‭ ‬والرد‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الرسائل‭ ‬الموجهة‭ ‬الي‭ ‬وهي‭ ‬قليلة‭ ‬جداً‭ ‬،‭ ‬وحتماً‭ ‬إهمال‭ ‬رسائل‭ ‬الجمع‭ ‬المباركة‭ ‬ومساء‭ ‬وصباح‭ ‬الورد‭ ‬البلاستيكي‭ ‬والفيديوهات‭ ‬ودعاء‭ ‬المستجير‭ ‬والمسافر‭ ‬ودخول‭ ‬الحمّام‭ ‬والمجموعات‭ ‬التي‭ ‬تتوسلك‭ ‬كي‭ ‬تنضم‭ ‬اليها‭ ‬،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عام‭ ‬قد‭ ‬يعجب‭ ‬المرسل‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يعجبك‭ ‬بالضرورة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬لديها‭ ‬أحكام‭ ‬وإحكام‭ .‬

نعم‭ ‬صديقي‭ ‬الشارد‭ ‬،‭ ‬إنَّ‭ ‬التضاد‭ ‬والخلاف‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يفسد‭ ‬الود‭ ‬ببعض‭ ‬المسائل‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬بمسائل‭ ‬شريفة‭ ‬نبيلة‭ ‬إنسانية‭ ‬ثابتة‭ ‬،‭ ‬ربما‭ ‬استفحل‭ ‬وصار‭ ‬بلوى‭ ‬من‭ ‬ابتلاءات‭ ‬الجدل‭ ‬وتابوت‭ ‬العمل‭ !!‬


مشاهدات 775
الكاتب علي السوداني
أضيف 2024/05/21 - 6:11 PM
آخر تحديث 2024/11/28 - 6:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 196 الشهر 11967 الكلي 10055111
الوقت الآن
الخميس 2024/11/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير