الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حول‭ ‬المثاليين‭ ‬والواقعيين

بواسطة azzaman

حول‭ ‬المثاليين‭ ‬والواقعيين

نزار محمود

 

لو‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نحصر‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الاختلافات‭ ‬والخلافات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬المناهج‭ ‬والأساليب‭ ‬التي‭ ‬تتوزع‭ ‬بين‭ ‬المثالية‭ ‬والواقعية،‭ ‬بوعي‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬وعي،‭ ‬لما‭ ‬تمكنا‭!!‬

جميعنا‭ ‬ينسى‭ ‬أحياناً‭ ‬كثيرة،‭ ‬أو‭ ‬يتناسى‭ ‬اختلاف‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬تبعاً‭ ‬لاختلاف‭ ‬الموقف‭ ‬المثالي‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الواقعي‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المسألة‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬يكون‭ ‬متأثراً‭ ‬بعوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى،‭ ‬سنأتي‭ ‬الى‭ ‬الإشارة‭ ‬اليها‭.‬

والمثالية،‭ ‬كما‭ ‬يعرف‭ ‬البعض‭ ‬وكما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الموسوعة‭ ‬الحرة‭ ‬ويكيبيديا،‭ ‬بأنها‭ “‬سمة‭ ‬شخصية‭ ‬يسعى‭ ‬صاحبها‭ ‬للكمال‭ ‬والخلو‭ ‬من‭ ‬العيوب‭ ‬والقصور،‭ ‬ويهدف‭ ‬الى‭ ‬تحقيق‭ ‬انجازات‭ ‬كاملة‭”. ‬هذا‭ ‬الكمال‭ ‬في‭ ‬فلسفته‭ ‬ودوافعه‭ ‬وغاياته‭ ‬يختلف‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يعتقدونه‭ ‬ويؤمنون‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬القيم‭ ‬والعادات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬السائدة‭.‬

أما‭ ‬الواقعية‭ ‬فاني‭ ‬استطيع‭ ‬القول‭ ‬بأنها‭ ‬موقف‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬كائن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬فيه،‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وفق‭ ‬فلسفة‭ ‬ورؤية‭ ‬خاصة‭ ‬وموقف‭ ‬محدد‭.‬

هذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬والرؤية‭ ‬والمنطلق‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬المثالي‭ ‬أسير‭ ‬ما‭ ‬يؤمن‭ ‬له‭ ‬ويصر‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬ويسعى‭ ‬الى‭ ‬تحقيقه،‭ ‬اقناعاً‭ ‬وأحياناً‭ ‬حتى‭ ‬إكراهاً،‭ ‬ناجحاً‭ ‬تارة،‭ ‬ومخفقاً‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭ ‬ليعيش‭ ‬الاحباط‭ ‬والقلق‭ ‬والحزن‭.‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الواقعي‭ ‬وتدفعه‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬حقيقة‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬قائم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬أي‭ ‬انه‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬معطياتها‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬المحددة‭.‬

وهنا‭ ‬يبدأ‭ ‬الاختلاف‭ ‬الذي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يتحول‭ ‬الى‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬المثالي‭ ‬والواقعي،‭ ‬والأخطر‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كلاهما‭ ‬لا‭ ‬يهتدي‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬الاختلاف‭ ‬والخلاف‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يختلف‭ ‬فيه‭ ‬الاثنان‭ ‬من‭ ‬منهجية‭ ‬تفكير‭ ‬ومنطق‭ ‬وغاية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬والسجايا‭ ‬النفسية‭ ‬والانتماءات‭ ‬السياسية‭ ‬والمنحدرات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمعطيات‭ ‬الثقافية‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬قامت‭ ‬مدارس‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬والأدب‭ ‬والسياسة‭ ‬بوصفها‭ ‬طرق‭ ‬وأساليب‭ ‬تعبير‭ ‬ودروب‭ ‬تحقيق‭ ‬لأهداف‭ ‬مختلفة‭.‬

لقد‭ ‬قاد‭ ‬ذلك‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬والمنهج‭ ‬والطريق‭ ‬الى‭ ‬مشاحنات‭ ‬وتناحرات،‭ ‬والى‭ ‬حوارات‭ ‬ونقاشات‭ ‬طرشان‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬البعض‭ ‬بعضه‭ ‬الآخر‭.‬

برلين،‭ ‬19‭.‬04‭.‬2024


مشاهدات 692
الكاتب نزار محمود
أضيف 2024/04/24 - 5:00 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 6:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 195 الشهر 9319 الكلي 10052463
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير