كنت قد تعرفت على مجموعة من الأصدقاء، جمعتنا مقاعد المدرسة الابتدائية فتزاملنا، وكانوا:
(أ) انحدر من أسرة موسرة ورثت عن اسلافها
(ب) انحدر من أسرة فقيرة معدمة، تستأجر غرفة عند أسرة لقاء خدمتها لها
(ت) انحدر من أسرة يعمل ربها طبيباً وله عيادة.
(ث) انحدر من أب تاجر في سوق المواد الغذائية
(ج) انحدر من أسرة فقدت معيلها وتعمل ربتها في خياطة ملابس
(ح) انحدر من أسرة دينية ذات مقام اجتماعي
(خ) انحدر من أسرة يعمل ربها فلاحاً في مزرعة
هناك بعض المبادىء التي نحتاج الى الاتفاق على صحتها:
ان كل ما هو لا إرادي يجب أن لا يحاسب عليه الإنسان من قبل أي طرف، ولا يقاس اعتباره على أساسه”.
لا يجب أن تكون عوامل القوة اللا ارادية أسباباً لهيمنة أصحابها على الآخرين”.
ليس من العدالة وليست هي من المساواة الإنسانية أن تغمط حقوق جهود الآخرين”.
لا ينبغي أن يعيش البعض على امتصاص دماء الآخرين والنهش في أجسادهم”.
” لا يصح أن تأخذ من الدنيا، أكثر مما تعطيها، فهناك من لا يقوى على العطاء”.
”ان النظام الصحيح، بكل قوانينه وأنظمته وميكانيكياته، هو ذلك النظام الذي يعين غير القادر أن يكون قادراً، وغير الراغب أن يكون متحمساً، ويحول الكسول الى نشيط والجاهل الى عالم، والأناني الى مضح، والضعيف الى قوي، والمتشائم الى متفائل، والسارق إلى أمين”.
عندما بدأ الشيوعيون في تحقيق حلمهم ( وهمهم) كانوا قد اتخذوا شعاراً: “من كل حسب طاقاته، ولكل حسب حاجاته”، لكنهم بعد حين اكتشفوا أن ذلك أمراً غير واقعياً في حياة البشر. عدلوا عن ذلك، وغيروا شعارهم لمرحلة ما أسموها بالاشتراكية الواقعية، ليصبح: ” من كل حسب طاقاته، ولكل حسب إنجازه”. وهنا لابد من التنويه الى الخصوصيات الاشتراكية في مقابل الانجاز، حتى انهم اسموا التنافس بالمباريات الاشتراكية. بيد أنه كان للصين تمرد أمضى، تجاوزوا به حتى مبادىء سوق الاقتصاد الاجتماعي في تحفيزهم للمنتجين.
ما أريد قوله من هذا السرد: أن من يقتل الأنا الفردية بحجة الأنا الجمعية، هو إنسان واهم غير واقعي، وبالتالي يغتصب من الانسان بهجة الحياة.
دعه يعمر الأرض التي اشتراها بماله النظيف، وبرفع اركان بيته الجميل بعرق جبينه النقي.
وهنا يأتي دور الدولة في صون ملكيته ومنع التجاوز عليها، لا بل ودفع الآخرين لنشر الإعمار في الأرض، في استثمار دون استغلال، وفي تعمير دون تخريب، وفي تجفيف منابع الكسب الحرام والدخول الطفيلية.
ولنتذكر نحن البشر جميعاً بأننا مسافرون زائلون، وبأن الملكية ليست مطلقة، وانما نحن مستخلفين عليها، نكسبها بالحلال ونتصرف بها بما يثمرها ويجعلنا راضين مرضين.
برلين، 28.01.2024