فاتح عبد السلام
لا أحد يريد أن يصف الأشياء بمسمياتها الحقيقية، وجدت عدداً من “المحللين” في قنوات التجاذب والانقسام والتدليس السياسي يتمترسون وراء» سياسة» دول أو قنوات ويلوون عنق الحقيقة، ويظنون انّ التحليل السياسي او العسكري يمكن ان يقام على جثث الأكاذيب. اذا كنتَ محللاً سياسياً وعسكرياً عليك ان تستند الى حقائق وتستنتج المخفي مما تربطه من وقائع، وليس كما تريد القنوات التي تضيفك.
بعكس ذلك يمكنك ان تعمل في مجال استرزاق آخر اكثر اقناعا، واكثر احتراما لنفسك، هذه هي المعادلة ببساطة.
إسرائيل قبل اكثر أربعين سنة كذبت تحت وقع الصدمة الكبرى الأولى وقالت انّ صواريخ العراق التسعة والثلاثين سقطت في ارض جرداء وبعد سنوات كشفت الصحافة الإسرائيلية ذاتها عن جرد الخسائر لتلك الصواريخ البدائية والمتخلفة تكنولوجيا بالقياس الى المستويات العلمية العسكرية اليوم. ومن الممكن ان تناول الدول في تصريحاتها كجزء من الحرب النفسية ولتضليل العدو.
أمّا في عصر الانفتاح المعلوماتي، ووصول المعلومات بالصورة والصوت بسرعة مذهلة من خلال الناس العاديين الى مواقع التواصل الاجتماعي العالمية، فإنّ المحللين باتوا مضحكة في القنوات العربية وهم يعيشون في عصر اخر من الضلالة، مروجين لمصطلحات سياسية منحازة من دون اية معلومة دقيقة.
كثيرون سمعناهم على قنوات عربية يقولون انّ الصواريخ التي أطلقتها ايران عبر أجواء العراق والأردن لم تصل الى أهداف اسرائيلية معينة. لا أحد يمتلك معلومات دقيقة بشأن إن كان قد وصل نصف الصواريخ او ثلثها او عشرها، لكن كحقيقة لا يمكن نكرانها واعترف الجيش الإسرائيلي بها، هي ان بعض الضربات الإيرانية نزلت على قواعد جوية إسرائيلية، ولم يتم اعتراضها، وهذا يعني انّ الصواريخ لم تكن عمياء، واتجهت الى أهداف مسبقة معلومة في احداثيات عسكرية.
تجاهل الحقائق، ليس دليلاً على موقف سياسي صائب حباً او كرهاً، وانما الموقف الصحيح هو أن تصف الوقائع كما تحصل، وإلا تتحول القنوات العربية الى شعبويات سياسية سلطوية مدفوعة الثمن ليس أكثر.
الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة كانت تحذر دائما من امتلاك ايران القدرات الصاروخية المتطورة وبعيدة المدى، وفجأة نرى محللين يسعون لود قنوات عربية، يفندون المعلومات الاستخبارية الغربية الدقيقة بالقول انّ صواريخ ايران هي عبارة عن ألعاب أطفال أو كيزرات للماء الساخن.
المُعلق السياسي ليس قرداً يتقافز، إلا اذا أراد لبس هذه الشخصية عن سابق إصرار، فذلك شأنه.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية