فاتح عبد السلام
مباحثات حرب غزة تمر عبر مصر بالدرجة الأولى وبمساعدة واضحة من قطر، وهناك سباق مع الزمن من اجل الا تتوسع الحرب، وهذا لا يمكن ان يتحقق الا اذا اقتنعت إسرائيل بوقف الحرب، وما يترتب على ذلك من إجراءات لتبادل الاسرى والرهائن وإدارة القطاع.
الحرج مزدوج ،عربيا وامريكيا، إزاء استمرار الحرب ، فالتظاهرات الداعمة لغزة قد تكون بابا واسعا لتحركات وضغوطات سياسية ضد عواصم عربية لها تطبيع علاقات مع تل ابيب ، كما انّ واشنطن لديها حلفاء في العالم الإسلامي والعربي ومن صالحها ان تتوقف الحرب لكي لا تتسع موجات الغضب والاستياء هناك من الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، بالرغم من انّ نبرة الرئيس بايدن في مكالمته مع رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو شابها التلويح بأنّ الدعم غير المشروط يقترن بالإصغاء لما تقوله الإدارة الامريكية وما لها من مصالح ، بحسب بيان البيت الأبيض .
في الجانب الثاني، فإنّ سياق التصعيد لايزال ناشطاً ، و يمر عبر ايران حتماً فهي تترأس محور المقاومة وانّ الهجمات المنطلقة من اليمن من خلال الحليف الحوثي مزعجة للغاية للملاحة العالمية التي ترعاها واشنطن والعواصم الكبرى، وانّ اقناع الحوثيين بالتهدئة النسبية يمر من خلال اتصالات مع طهران كانت قد أجرتها مصر وبعض الوسطاء الدوليين والاقليميين.
اليوم خلطت إسرائيل الأوراق فجأة، حين وضعت جهود إيقاف الحرب في موقف ارتقاب ما ستفعله ايران من رد على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، اقوى ضربة تتلقاها ايران منذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني بضربة أمريكية في بغداد.
هناك صورة معينة للوصول الى اتفاق وقف اطلاق النار، لكن هناك موعد مؤجل مع هجمات إيرانية بالأصالة او بالوكالة ضد اهداف إسرائيلية ، ولا احد يعلم مدى تأثيرها أو جديتها او رد الفعل الإسرائيلي نحوها وماذا ستجر بعدها، فيما تذهب الظنون الى انّ الرد سيكون محدوداً مثل ما فعلت ايران عند قصف قاعدة عين الأسد انتقاما لمقتل سليماني. المقلق لدى مراقبين هو ان ترد ايران في مناطق خارج إسرائيل، و وتكون مصالح دول أخرى معرضة للتهديد، لكن في كل الأحوال ايران تعرف اللعب بالبيضة والحجر وتدرك مسافات الخطوط الحمر، ولن ترتكب أي خطأ استراتيجي مهما كان صغيرا ، وهذا يجعلها في موقف قوي.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية