الهند والموقف السلبي من القضية الفلسطينية
خليل ابراهيم العبيدي
كانت الهند في مقدمة الدول التي أيدت الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير انطلاقا من موقفها من الاستعمار البريطاني للهند الذي بدأ عام 1858ولغاية 1947 . وتماشيا مع مبادئ غاندي في الخلاص من التبعية البريطانية ، ومنذ استقلالها لم تبخل الهد بالمساندة لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ، لذلك صوت مندوبها بالضد للقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم181 لعام 1947 الذي تكفل بتقسيم ارض فلسطين بين دولتين عربية وعبرية ، وقد استمرت الهند إلى جانب القضية الفلسطينية بفعل عوامل عديدة منها اولا ما تركه غاندي من مبادئ تهدف إلى تحرير الشعوب من الاستعمار ، والاستعمار البريطاني بالذات ، وثانيها هو طغيان شخصية جواهر لآل نهرو رئيس الوزراء الهندي على ساحة السياسة الهندية في الستينات وقرب الرجل من جمال عبد الناصر اضافة إلى مواقف انديرا غاندي رئيسة الوزراء من حق الشعب الفلسطيني بالاستقلال وعدم موافقتها على التطبيع مع إسرائيل ، وقد اهتم لآل بهادور شاستري بالعلاقات العربية الهندية ، وعلى العموم فقد كان قادة الهند دوما قريبون من القضايا العربية سييما وان العرب عموما اتخذوا موقفا حياديا إزاء قضية كشمير ، رغم كون باكستان دولة إسلامية ، وقد اعترفت الهند عام 1988 بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل حقيقي للشعب الفلسطيني وقامت بمساعدة الفلسطينيين بمبلغ 10ملايين دولار والحقته فيما بعد بمليون دولار اخر ، غير أن الانقلاب الذي حصل في السياسة الهندية تجاه فلسطين هو قيام الحركات الإسلامية الهندية بدعم من طالبان الباكستانية بمعاداة الديانة الهندوسية وتكفير السيخ ، وأنهم أعلنوا أنهم بصدد ذبح الأبقار لغرض اطعام جياع العالم ، وهذا ما دفع الهنود لمعاداة المسلمين في شبه القارة الهندية ، اضافة الى قيامهم بالصلاة الإسلامية العلنية والانفتاح بالزواج من النساء المنتميات لديانات اخرى ، وقد قامت عدة حروب طائفية راح ضحيتها الكثير من المسلمين، وفي 22 كانون اول 2024 دشن رئيس الوزراء الهندي معبدا هندوسيا على أنقاض مسجد بابري الذي تم هدمه من قبل الطائفة الهندوسية امعانا باضطهاد الأقلية المسلمة في الهند ، وقد استنكرت الهند ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر وفي السابع والعشرين منه اعترضت الهند في مجلس الأمن على إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة ، وقامت بالمقابل بفتح الطريق أمام السلاح الهندي للوصول إلى إسرائيل ، ولا زالت الهند تقدم السلاح الفتاك والذخيرة للكثير من الأسلحة الإسرائيلية ، واستمر رئيس الوزراء الهندي بمؤازرة إسرائيل ، واليوم تفتح الهند الباب على مصراعيه لارسال الأيدي العاملة بديلا عن العمال الفلسطينيين الذين كانوا يعملون بشتى المهن في اسرائيل والذي بلغ عددهم في حينه أكثر من 130الف عامل فلسطيني ، وقد تم ارسال 10 آلاف عامل هندي كاول دفعة من العمال الهنود البالغ عددهم 30 الف عامل حسب الاتفاق بين الحكومتين .
أن رئيس الوزراء الهندي ناريدرا مودي هو أول رئيس وزراء هندي يزور اسرائيل ويوقع اتفاقيات استراتيجية مع نتنياهو ، وكانت الزيارة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرون لقيام العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل .
أن الدول العربية لم تبد أي اعتراض على موقف الهند من القضية الفلسطينية ، وبرغم أنها يمكن أن تلعب دورا مهما لدفع الهند لإعادة النظر في القضية الفلسطينية كونها قضية إنسانية قبل أن تكون قضية سياسية ، وان الدول العربية يمكن لها أن تلعب بالورقة الباكستانية فيما يخص قضية كشمير سييما وان للباكستان علاقات قوية واستراتيجية مع الدول العربية وخاصة الدول الخليجية ، أن الهند تعد من الدول النووية والدول الكبرى ولها أهمية في العلاقات الدولية وان خسارة القضية الفلسطينية للهند خسارة لا تعوض ، وان الحركات الإسلامية مدعوة لأن تثبت للهند أن لا علاقة لها بالخلافات الطائفية التي تجري في الهند ، لأنها في حقيقة الأمر خلافات بين الشعب الواحد ، وان الدبلوماسية الفلسطينية مدعوة هي الأخرى بأن تثبت للهند أن الحركات الإسلامية الفلسطينية هي حركات تحرير من ظلم الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وأنها حركات لا تتدخل بشأن الدول الأخرى ، وان همها الوحيد قيام دولة مستقلة للشعب الفلسطيني.