تنسيقية الأيام الثقافية في نينوى تحتفي بمحسن العلي
طالب فنون يتسلح بحب التمثيل برغم معارضة أسرية شديدة
الموصل - هدير الجبوري
احتفت تنسيقية الأيام الثقافية في نينوى بالمخرج محسن العلي بجلسة اقيمت على قاعة مؤسسة ملتقى الكتاب في مدينة الموصل ادارها المخرج بيات محمد حسين مرعي , وتحدث العلي مسيرته الفنية وعن بداية مشواره قائلاً (انه جاء الى بغداد قادما من محلة المشاهدة في منطقة الخزرج بايمن الموصل في السنة الاولى لدراسته في معهد الفنون الجميلة وهو مسلح بحبه للفن مع معارضة أسرية كبيرة وقطيعة له استمرت فترة ليست بالقليلة،وكان رفض العائلة اشبه بالدافع له للتحدي ويعتبرهذا الموقف هو بمثابة الفضل على عدم عودته للمدينة خوفاً من عقاب الاهل وبالتالي اصبح هذا الرفض دافعا لتمسكه برغبته بان يعمل شئ لانه لم يأتي كي يدرس فقط بل لكي يصبح فنان لان الفن كان غايته وحلمه).وذكر ان (القطيعة معه تلاشت بالتدريج بعد سنوات من عمله كمخرج فيما بعد وتيقن الاهل بحفاظه على مبادئه وسلوكه الحسن).
وبالرغم من صعوبة الحياة في العاصمة المليئة بالفنانين والطاقات المعروفة امام شخص قادم من المحافظات والذي لايمتلك شئ يعينه على هذا الامر ويسكن في سكن خاص للطلبة وهو القسم الداخلي وكان المبلغ المخصص لطلبة الاقسام الداخلية بالكاد يكفي مصاريفه لكنه تحمل كل هذا بصمت كي لايعرف اي احد بمعاناته وهو ابن تاجرالاقمشة الموصلي المعروف في قيصرية السبع ابواب في محلة المشاهدة بالموصل . واشارانه )من غير المعقول ان لايكون في جيبه سوى مبلغ ضئيل جدا فالقدوم الى بغداد كلفه الكثير لكنه تحمل ذلك في سبيل الوصول لمبتغاه بالرغم من قطع كل الامدادات والمصروف الذي كان يتقاضاه قبل قدومه لبغداد بسبب القطيعة معه( ..وذكر ان رفيقه خليل ابراهيم كان يساعده في احايين كثيرة ،
واستدرك بالقول انه (بطريقة واخرى حاول الدخول للمجال الفني ولم يكن امامه سوى الاذاعة حيث كان النشاط الاذاعي هو النشاط الاول والمدخل الذي له علاقة بالفن واذا مااستطاع التمثيل باي مسلسل اذاعي سيتقاضى عنه دينارين وكان ذلك يعني له الكثير في ظل الظرف الذي كان يمر به ).
وقام بمد الجسور مع بعض الاساتذة والطلبة لكي يعمل في الاذاعة وقال انه فعلا تحقق له ذلك ذلك وعمل مدة ثلاثة شهور بدون ان يتقاضى اي أجر مع انه بأمس الحاجة الى اي مبلغ يعينه على مصاريف الحياة ببغداد وكان في بداية الامر يتخذ من اللبن و( الكليجة ) وجبة رئيسية له ويقوم برفع مايتبقى منها لليوم التالي.وفي يوم من الايام كان جالساً بالقرب من صبري الرماحي وفاروق فياض واقترح عليه صبري الرماحي ان يعمل معه في الاذاعة كمساعد مخرج وابتهج محسن العلي كثيراًلانه سيصبح له دخل وبعد ذلك تبين له ان وظيفة مساعد المخرج كانت تتضمن فقط جلب الاشرطة الخاصة بالتسجيل وغيرها لكن لادخل لها في التوجيه واختيار الممثلين , وبالصدفة طلبوه للعمل في مسلسل اذاعي بعنوان ( عثمان الموصلي ) وهذا ماجعلهم مهتمين باختياره كونه من الموصل وممكن ان يفيدهم بالمعلومات والتواريخ الدقيقة وهو لم يقصر واقتنى كتاب عن الملا عثمان الموصلي وقام برفدهم بما مطلوب..
ويقول العلي انه أخذ فرصته بعد ذلك وقام باخراج مسلسل اذاعي مدته عشر دقائق أسمه ( طريق السلامة) وهكذا استمر الحال وكان مخلد المختارفي ذلك الوقت يعمل في مجلتي والمزمار وساعده كثيراً في السكن معه وحل مشكلته وكان ذلك في ايام العطلة ..
وقال العلي بان (الصراعات والبدايات الصعبة هي مايتوجب عليه ذكرها وان لايغفل ذكر اي انسان ساعده في ذاك الوقت).
وتحدث عن ان بداية حبه للمسرح كانت بالصدفة عندما كان طالباً في المتوسطة بالموصل وخرج مع اصدقائه للذهاب الى دور السينما التي كانت تستهوي الجميع وعند وصولهم قرب الاعدادية الشرقية وجد جمهرة لم يعرف سببها وتبين لهم ان هناك عرضاً مسرحياً قائماً وكانت هذه المرة الاولى التي يشاهد فيها عرض مسرحي حي وتمنى لو يكون ممثلا معهم ..واوضح انه ابتدأ العمل في المسرح الشعبي نهاية عام 1980 ومن بعدها دخل للمسرح العسكري.
عروض مسرحية
ويستدرك انه كان يقرأ قصص عديدة من ناس بسطاء لغرض الاستفادة منها في العروض المسرحية وأبتدأ مع المبدع المسرحي طارق عبد الواحد بتحويل احدى القصص لعرض مسرحي يقدموه من على خشبة المسرح عن ابطال الجيش العراقي بأسم نائب عريف حسين رخيص ويتحدث عن بطل بسيط جدا هو نائب عريف قتل الحاكم العسكري في الناصرية واستمر عرض هذه المسرحية مدة سبعة اشهر بعرض يومي دون توقف في العام 1981 وكان معه مجموعة من الهواة والمحترفين حيث قام بايجار مسرح بغداد بمبلغ بسيط من الفنان الرائد يوسف العاني وقاموا بعرض هذه المسرحية من على خشبة هذا المسرح الذي هو مسرح بغداد ووصل عدد الحضور الى مايزيد عن 400 شخص من المتفرجين.
ويقول العلي ان (مدينتي الموصل لم تخرج من بالي وذاكرتي وطلبت ايضاً من طارق عبد الواحد في ايام الحرب مع ايران متزامناً بدخول قوافل الشهداء الى الوطن ونكبة ذويهم بان نعمل مسرحية وكانت عن يونس السبعاوي حيث قرأت في تلك الفترة كتاب لخيرالدين العمري عن السبعاوي وكيف انه قبل اعدامه سألوه هل تعتذر ام تُعدم قال انه يفضل ان يكون شهيداً في امة سيكثر عدد شهداؤها وتفخر بهم..واستغرق عرض هذه المسرحية بحدود 11 شهراً واستعنت يومها بمحمد صديق شنشل صديق السبعاوي وكان يسكن في منطقة الوزيرية ببغداد وبعد معاناة لاقناعه قام أخيرا بجلب 72 شخصية من المعنيين بقضية السبعاوي مع زوجته واولاده وسجلنا لهم 20 كاسيت صوتي لتوثيق الاحداث وفعلا حضروا جميعا العرض المسرحي الذي كان اشبه بالمخصص لهم وحضر معنا الاستاذ حسب الله يحيى واعتبر ان هذه المسرحية قد مدت جسور الثقة بيني وبين المتلقي وهو ( الجمهور)وكنت اسمع النحيب والبكاء اثناء العرض).واضاف ان هذه المسرحيتين التي تحدث عنهما كانت مثل وضعه مسمار في الجنوب (الناصرية) ومسمار في الشمال (الموصل) وتمكن من ان يرضي ذاته وجمهوره وفنه...
وعندما سأله احد الحضور عن أي المسرحيات الاقرب لقلبه وهو مخرج لـ 60 عملا مسرحيا اجاب بان (العراقيين في داخلهم وجع قديم بسبب ماعاشوه من ويلات الحروب لذلك مسرحية ( الجنة تفتح ابوابها ) في العام 1999تاليف فلاح شاكر هي الاقرب لنفسه وروحه وتتحدث عن المشهد اليومي للحياة العراقية اثناء الحرب والحصاروتبرز عظمة دور المراة فيها ومثل في هذه المسرحية شذى سالم وجواد الشكرجي ومحمود ابو العباس وهي جزء من صرخات عراقية داخلية وقصة وطن جريح وحصدت جوائز عدة).
وقبل ان ينتهي حفل الاحتفاء شارك الحضور بمداخلات عدة وأسئلة وتمنيات على العلي بان يولي مدينته الموصـــل الاهتمام الذي تســــتحقه فنياً من اشـراكها بالعــــــــــــروض المسرحيــــــــــة وغيرهــــــــــــا وتســـــــــــــليط الضوء علــــــــى فنانيها واوضـح العلي بأنــــه سيستجيب لأي دعـــــوة ترسل له.
وذكر عضو الايام التنسيقية الثقافية في نينوى الروائي نجمان ياسين ان (هذا التكريم والاحتفاء والدرع الذي سيتكلل بختامه والمقدم للفنان محسن العلي لم يمنح لأي احد سوى لاشخاص مميزين ومعدودين منهم شاذل طاقة وبشرى البستاني ويوسف الصائغ ويوسف ذنون وعبد الوهاب العدواني ومحمد حسين مرعي) واستدرك بان (هذا الدرع نحن كنا أشحاء فيه ولم يمنح الا لمن يستحقه فالاختيارات للذين منحناهم اياه كانت تعطى بشكل مدروس وباستحقاق حقيقي . وهذه المرة اتفق الجميع على منحه لمحسن العلي بأستحقاق وجدارة).
واختتم الحفل بمنح المحتفى به درع التميز قدمه له اعضاء التنسيقية الثقافية في نينوى, مع درع آخر مقدم من اتحاد الصحفيين في نينوى سلمه اياه المخرج بيات مرعي..مع درع آخر مقدم من المصور الفنان انور الدرويــــش وآخر مــن الروائــــــي نجمـــــــان ياسين.