توقيع
تكريس المكرّس
فاتح عبدالسلام
لا يوجد أي طرف في العراق على استعداد لتقديم نفسه كنموذج وطني متكامل وعابر للتقسيم الطائفي، فالعرف المعمول به في التوافقات السياسية أكبر شأنا ودلالة من الدستور نفسه، لذلك تبدو جميع «التمظهرات” السياسية مجرد ايغال في التقسيم الثلاثي الذي هو السمة الأساسية التي يقوم عليها البلد.
عند هذه النقطة، يبدو اللاعبون تحت سقف ملعب مغلق يحتمل عددا محدودا من الألعاب المتفق عليها والتي من الضروري ان يجيد اداءها جميع اللاعبين المسجلين في العملية السياسية والمفروزين عبر الانتخابات الأخيرة.
هذا الواقع سيضع مقاليد الدولة بيد التوافقات المتناقضة أصلا، وهو امد قصير في المعيار الاستراتيجي لبناء دولة. التجربة اللبنانية الثلاثية أقدم في الزمن من العراق، ولا تزال تسير متعثرة في بعض المنعطفات التاريخية ولولا الدعم الغربي المباشر لما حصل هناك أي فك للاختناقات التي تحيط بالبلد الذي لا يزال مهدداً وغير مستقر أيضاً.
العراق من الصعب أن يتعايش على المدى الطويل مع الوضع التقسيمي الفعلي لأنه يكرس حالة غير قابلة للارتقاء نحو مرحلة الهوية الوطنية العراقية الموحدة الفعلية، وليست تلك التي تصدرها دوائر الأحوال المدنية للأغراض الشخصية.
هنيئا لكم جميعا، لقد انتجتم جميع المستلزمات التي تديم العملية السياسية على نفس امراضها، وانّ سمة النجاح في جعلها مستقرة الاعراض وغير متفاقمة، لسبب بسيط، انّ الأوضاع السياسية لجميع الأطراف هشة العلاقة مع الملايين، فليس من مصلحة أحدهم ان يخرب المركب السائر.
المعادلات بسيطة إذا أرادوا حلها، غير ان الإصرار على عدم إيجاد الحلول الأساسية في التكوين التشريعي والدستوري والوطني، سيجعل الحالات الطارئة ذات الغلبة الطاغية واليد العليا.