الحدباء والعنقاء..حكاية روح
إياد العناز
مدينة الحضارة الإنسانية ومنبع العلم والمعرفة وعماد الفكر والقيم الروحية، ديمومة الحياة والحصن المنيع العصية على موجات الهدم مهما توحشت ، وهي الألق الدائم في أفئدة الأصلاء ، هي حكاية وجدانية تغازل دقات القلوب الحانية وتتناغم معها، وتبعث الدفء في حنايا الروح.
هي نبضة تنعش الحياة، وتاريخ لا يموت، وذكرى لا تنسى، ودمعة تساوي عمرًا ونظرة فاحصة تختصر الكثير .
الموصل حكاية تشرق شمسًا في دنيانا مزهوة بعالم الحروف الموشحة بشعاع دافئ بين السطور، هي البياض الناصع مثل الماء في النقاء والصفاء.
نعشقها لأنها تمثل لنا أعلى درجات الحب وفي العشق يلغى المنطق ويترك القلب لينطلق في رحاب الحياة.
لماذا نحب مدينتنا الموصل
لماذا هذا العشق الذي يسكن فؤادنا، لماذا هذا الألق الرباني في جنباتها ، لأنك أن عشت فيها تعلقت بها وسكنت جوارحك عندها وتخطيت بها حدود سعادتك، هي النور والشعاع إذا ما حل الظلام وهي من تقيم جدار الحب إذا مالت الهموم بمحبيها، وهي التي نباهي بها المدن لأنها تختلف عنهم وكأن الكون لا يحتمل مدينة إلا هي، وأنها لا تتكرر في عمق تاريخ المدن الأصيلة هي ليست كباقي المدن يمكن استبدالها بأخرى ، فلو ضاعت منا وفرطنا بها فلن نجد من يشبهها أو يعوضنا دفئها وحنانها وغيابها .
نبحث عنها في أروقة العشق والهيام وقطرات الندى وزخات المطر ونرسم ملامحها في قطع السحاب ونضع حروفها وسادة نغفو عليها ونعانق وجهها المشرق.
تبقى في نبضات قلوبنا وعيوننا لا نفارقها فهي بصمة في أعماق أرواحنا.
تضيء أماكنها وتشع زواياها
بأهلها الطيبين الصادقين،
الأماكن حكاية عمر وذكريات روح
هي منبت الإنسان وجذوره الأصيلة.
هي حياته وطيف وجوده من الطفولة فالصبا ومرورًا بالشباب ووصولًا للكهولة،
الأماكن تحكي قصة ود وحب وفيض
من العلاقات الإنسانية والعمق الوجداني،تسابق الأزمنة لتكون شاهدًا لمجلس وأحاديث وتجمع ينبض بالحياة.
ترسم الأماكن ملامح العلاقة الإنسانية
وتمنح عبقها وعطرها لمن يتجذر فيها.
ذكريات الأماكن لا ترحل، وتمر السنين وتبقى عصية على النسيان، هي كالورود روحها لا تشرق إلا على أغصان الشجر، بنسيم وعطر للوجد، نشتاق إليها كنسمة برد في صيف لاهب ولحظة دفءٍ في شتاء قارص، هكذا شوقنا دائمًا لمن هو غائب عنا، شوقنا كأيام الشتاء يعز عليها الرحيل ومفارقة الأحبة، فقطرات المطر تنعش القلوب وتريح الصدور وتترك أثرها في القلب بنسمات باردة تلامس الروح، وتعزف سيمفونية الحب بإبداع متميز ينبض بإحساس فياض مرهف يحتضن شغاف القلوب.
ستبقى المدينة وازقتها وحاراتها واسواقها تبض بالحب والعطاء وتختزن الطيبة والوفاء وتعتمر قلوبها بالايمان وتنشرح صدورها بالدعاء لانها مدينة الحضارة الانسانية والانبياء والصالحين والاولياء …مهما قست عليها الظروف هي هكذا تقف شامخة دائما تواجه العدا وتنتصر لكبرياءها وتحتضن كرامتها وعزتها ..