الفئات العمرية .. الدرس الأول يجب أن نحفظه

نصير الزيدي

لا يختلف اثنان على أن البناء الصحيح هو أساس النجاح في أي مجال، وأن القاعدة الرصينة تمثل الركيزة الأولى في مسيرة التطوير. وفي كرة القدم تحديدًا، لا يمكن أن نصنع منتخبًا بطلًا دون أن نبدأ من الجذور… من الفئات العمرية، حيث تتشكل الأحلام وتُصقل المواهب وتُبنى الشخصية الكروية.

لقد أثبتت التجارب أن الاستثمار في الفئات السنية هو حجر الأساس لنهضة أي كرة قدم وطنية. فحين نتأمل محطات ناجحة في تاريخ اللعبة، نجد أن نتائجها لم تكن صدفة. المنتخب السعودي الذي حقق كأس العالم للناشئين عام 1989، ظهر ثماره خلال سنوات قليلة عندما تأهل إلى مونديال 1994 في الولايات المتحدة، وقدم مستوى مميزًا وصل به إلى دور الـ16. والمنتخب الفرنسي الذي توّج بكأس العالم 1998، كان نتاج عمل بدأ مع جيل الشباب المتوج عالميًا قبلها بأربع سنوات.

وهذه مجرد أمثلة… والقائمة تطول.

أما واقع كرتنا اليوم، فهو يعاني من غياب الرؤية وضعف الاهتمام بالفئات العمرية. اختفى دور الكشافين، وتراجع العمل على اكتشاف المواهب وتطويرها، وأصبحت الأندية تبحث عن لاعب جاهز ومحترف بأموال طائلة بدلًا من صناعة لاعب بمواصفات أكبر، وأقرب للهوية العراقية. في الثمانينيات، كانت مباريات الفئات العمرية تُقام قبل مواجهات الفرق الأولى، والجمهور حاضر والدعم متواصل، مما خلق بيئة صحية لصناعة اللاعبين.

اليوم، أصبح من الضروري على اتحاد الكرة والأندية العراقية إعادة النظر بجدية في هذا الملف. التطوير يبدأ من خلال:اختيار مدربين متخصصين بهذه الفئة وإدخالهم دورات تدريبية ومعايشات مع أبرز الانديه العالميه.واعاده دور الكشافين وأصحاب الخبره. اضافه الى صقل المواهب الموجودة في أنديتنا واعطاها فرصه اللعب بالصف الاول ان هذه الخطوات ليس ترفا رياضيا  بل ضرورة ملحّة إن أردنا للكرة العراقية أن تعود إلى مكانها الطبيعي، وتواكب التطور المتسارع في القارة الآسيوية. فالعراق بلدٌ ولّاد للمواهب، ولكن الموهبة تحتاج مشروعًا، لا صدفة.

وإن أردنا استثمارًا كرويًا ناجحًا، فالدرس الأول يبدأ من هنا… من الفئات العمرية.