الدويلة الجرباءِ – المنبوذة ( الكيانُ الصهيونيُ )
محمد خضير الانباري
في أحدثِ تصريحِ لها لوسائلِ الإعلامِ والصحافة، خرجتْ تسيبي ليفني، وزيرةُ الخارجيةِ الإسرائيليةِ السابقة، وزعيمةُ حزبِ كاديما الأسبق، لتتحدث بجرأةِ غيرُ معتادةٍ عنْ واقعِ الكيانِ الصهيوني، الذي وصفته- هيَ نفسها- بــــــ " الدويلةُ الجرباءُ المنبوذةُ "، بعدٌ انتهاءِ حربِ غزةَ الأخيرةِ ، إذ؛ تناولتْ ليفني في حديثها مواقفَ دولِ العالمِ وشعوبها تجاهَ هذا الكيان.
أنَ الجرائمَ التي ارتكبها الكيان الصهيوني ، لا يمكنُ تغطيتها بأيِ ستارٍ أوْ تبرير، فكلُ جريمةٍ اقترفها بحقِ طفلٍ أوْ امرأةٍ أوْ شيخٍ مسن، وكلَ مستشفى أوْ دارِ أيتامٍ دمره، قدْ وثقها التاريخُ في سجلاته، ولنْ تمحى منْ ذاكرةِ الأجيال، تماما ، كما لمْ تمحُ جرائمُ الطغاةِ الذينَ سبقوهُ منْ نيرونْ إلى هتلر، ومنْ جاءَ قبلهم.
أنَ النصرَ الذي حققهُ أبناءُ غزةَ رغمَ حجمِ التضحياتِ والدماءِ التي سالتْ، والبيوتُ التي هدمت، كانَ نصرا معنويا خالدا، إذْ؛ أضاءتْ تضحياتهمْ طريقَ الحريةِ بشجاعةِ شبابٍ، لا يهابونَ سلاحُ العدوِ مهما بلغَ تطوره، مؤمنينَ بأنَ المبادئَ والقيمَ والصبرَ، أسمى منْ كلِ قوةٍ مادية.
لقدْ تحولتْ تلكَ التضحياتِ إلى دروسٍ إنسانيةٍ خالدة، قدمتْ للعالمِ أجمعَ نموذجا لشعبٍ يعشقُ الحريةَ، ويرفضُ الخضوع، ويأبى الذلُ والانقيادُ للمجرمِ الصهيونيِ، ومنْ يسيرُ في ركبهِ منْ المنافقينَ، الذينَ يتشدقونَ بشعاراتِ حقوقِ الإنسانِ والمواثيقِ الدوليةِ زيفا ورياء.
أنَ هذا الكيانِ الذي شيدَ على العدوانِ والاحتلالِ، قدْ بدأَ يتصدعُ منْ الداخل، وفقدَ ثقتهُ بمستقبله، بعدما واجههُ منْ غضبٍ شعبيٍ ورسميٍ عربيٍ وإسلاميٍ ودوليٍ عقبَ الحربِ الأخيرة، وما تبعها منْ موجةِ رفضٍ واسعةٍ لجرائمهِ وعدوانه.
أنَ ما حدثَ في غزةَ لمْ يكنْ مجردَ مواجهةٍ عسكرية، بلْ كانَ اختبارا أخلاقيا وإنسانيا ، فشلتْ فيهِ الدويلة الصهيونية أمامَ أعينِ العالم. فالشعوبُ — على اختلافِ انتماءاتها — أدركتْ حجمَ المأساةِ التي خلفها العدوان، وبدأتْ بمراجعةِ مواقفها منْ هذا الكيانِ المحتل الذي فقدَ أيَ مبررٍ أخلاقيٍ لوجوده.
لقدْ باتتْ هذهِ الدويلةِ الجرباءِ المنبوذةِ — وهوَ وصفٌ نابعٌ منْ داخلها لا منْ خصومها — تعيشُ مرحلةَ التآكلِ والانحسار، تتخبطَ في مواقفها، وتتشبثُ بأيِ دعمٍ باهتٍ لتبريرِ وجودها، لكنها في حقيقةِ الأمرِ، تقتربُ منْ نهايتها المحتومة، كما أخبرنا الله- سبحانهُ وتعالى- في محكمٍ كتابهُ الكريم.
( وقضينا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لتفسدنَ في الأرضِ مرتينِ ولتعلنَ علوا كبيرا، فإذا جاءَ وعدٌ أولاهما بعثنا عليكمْ عبادا لنا أوليٌ بأسٌ شديدٌ فجاسوا خلالَ الديارِ وكانَ وعدا مفعولا). صدق الله العظيم. سورةَ الإسراء، الآيتين: 4- 5.