خبراء يحذّرون من فخّ الدين العام ويطالبون بإدارة رشيدة للقروض
بغداد - قصي منذر
حذّر خبراء في الشأن الاقتصادي، من تصاعد المخاطر المرتبطة بالدين العام في العراق في ظل ما وصفوه بالإدارة غير الرشيدة للموارد والقروض الحكومية، مؤكدين أن الدين الحكومي في الاقتصادات الريعية لا يؤدي وظيفته الاقتصادية بصورة سليمة بسبب خضوعه لدورة الموازنة السياسية والقرارات الانتهازية بدل الالتزام بالقواعد المالية والاقتصادية. وأوضح الخبير أحمد هذال في بيان تلقته (الزمان) أمس إن (حجم الدين العام في الدول النامية لا يعكس بالضرورة استدامته أو سلامته المالية)، وأضاف إن (انخفاضه الظاهري لا يعني أنه في حدود الأمان، إذ قد يكون مقدمة لانفجار أزمة مالية في أي لحظة)، وأشار إلى إن (المعيار الأدق لتقويم مستوى الدين واستقراره، هو نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، لأنها تعكس القدرات الإنتاجية الحقيقية بعيداً عن العوائد الريعية المتقلبة).
من جانبه، أكد الخبير ضياء واجد المهندس في بيان تلقته (الزمان) أمس إن (الدين العام في العراق بلغ نحو 43 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، موزعاً بين 54 مليار دولار دين خارجي و85 تريليون دينار دين داخلي)، وأضاف إن (هذه الأرقام تكفي لبناء العراق مرتين لكنها لم تُحدث تنمية حقيقية)، ومضى إلى القول إن (جذور المشكلة تعود إلى الاعتماد على النفط بوصفه المورد الرئيس للموازنة ما جعلها رهينة لتقلبات الأسعار، إلى جانب تضخم الإنفاق التشغيلي المتمثل بالرواتب والمخصصات والدعم الحزبي الذي يبتلع أغلب الموارد، فضلاً عن لجوء الحكومة إلى الاقتراض لتمويل العجز بدلاً من إقامة المشاريع الإنتاجية، ما حوّل الدين إلى عبء دائم)، وتابع إن (غياب الرقابة البرلمانية وضعف الشفافية، أضعفا المساءلة وأدّيا إلى تراجع الاستثمار الحقيقي إلى أقل من سبعة بالمئة من حجم الإنفاق العام، مع استمرار العجز وارتفاع كلفة خدمة الدين وضعف التنويع الاقتصادي وبقاء البلاد رهينة للنفط والدين معاً).
داعياً إلى (تفعيل دور البرلمان وديوان الرقابة المالية بنظام تقارير ربع سنوية، وتحويل القروض إلى استثمارات إنتاجية لا نفقات تشغيلية، وتنويع الإيرادات من خلال إصلاح النظام الضريبي ودعم القطاع الخاص)، مشدداً على (ضرورة وضع سقف لنسبة الدين وربط كل اقتراض بمشروع واضح العائد)، مؤكداً إن (العراق لا يحتاج إلى مزيد من القروض بل إلى إدارة رشيدة لما اقترضه فعلاً)، ولفت إلى إن (فخ الدين ليس قدراً محتوماً، لكنه يتحول إلى عبء دائم حين يُستعمل المال العام بلا مساءلة ولا رؤية تنموية). على صعيد متصل، كشفت تقارير عن إن بغداد، تصدرت الموازنات الإجمالية للمحافظات خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، فيما جاءت البصرة في المرتبة الأولى من حيث حجم الإنفاق العام، بينما بقيت صلاح الدين من دون إنفاق استثماري. ونقلت التقارير عن مرصد إيكو عراق، المتخصص في الشؤون الاقتصادية تأكيده إن (بغداد جاءت في المرتبة الأولى من حيث إجمالي الموازنة، إذ بلغت 457.8 مليار دينار، تلتها البصرة بـ415.8 مليار دينار، ثم الأنبار بـ402.2 مليار دينار، تليها كربلاء بـ393.8 مليار دينار، ونينوى بـ267.2 مليار دينار)، مبيناً إن (هذه الإحصائية تغطي الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري ، وتبرز الفوارق الكبيرة في توزيع الموازنات بين المحافظات)، ولفت إلى إن (محافظة البصرة سجلت أعلى موازنة جارية بقيمة 290 مليار دينار، تلتها الأنبار بـ171 مليار دينار، ثم بابل بـ122 مليار دينار، في حين كانت صلاح الدين الأدنى بـ52.4 مليار دينار، تليها المثنى بـ43.3 مليار دينار)، وأوضح المرصد إن (بغداد تصدرت الإنفاق الاستثماري بمبلغ 381.7 مليار دينار، تلتها كربلاء بـ320.8 مليار دينار، ثم الأنبار بـ230.8 مليار دينار، في حين جاءت البصرة رابعة بـ125.5 مليار دينار)، واستطرد بالقول إن (أدنى المحافظات إنفاقًا استثماريًا كانت صلاح الدين بصفر إنفاق، تلتها المثنى بـ 30.2 مليار دينار، وذي قار بـ 38.2 مليار دينار)، وذكر المرصد إن (بعض المحافظات أظهرت مؤشرات على تنمية اقتصادية متوازنة تجمع بين النفقات التشغيلية والمشاريع الجديدة، وهي ميسان، موازنة استثمارية قريبة من الجارية، والنجف، توازن نسبي بين التشغيل والتنمية، وبغداد كانت استثمار مرتفع يعزز موقعها كمركز اقتصادي رئيس).