نقطة ضوء
ثلاثية واقع معاش
محمد صاحب سلطان
ليسمح لي القراء الأعزاء ، أن أفضفض في مساحة هذا العمود، عن حالات ذاتية عايشتها ودونها قلمي، مثلت بالنسبة لي ولغيري، هواجس إنسانية لها علاقة بمن نحب ولمن نكره؟، وكيف تسير الحياة بمصداتها ومعيقاتها الكثيرة وإستمرايتها برغم كل شئ، وأولها علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وكيف ينظر بعضنا لبعض؟، فكلنا نصرخ من شدة الألم ، ونرتجف من شدة البرد، ولكن قلة هم من يتعرقون خجلا!، وتتفصد جباههم بقطرات الإستحياء عندما يتعرضون لمواقف، قد تفضي إلى جرح كرامة أو النيل من ضعيف أو مسكين غير قادر على مواجهة جبابرة الظلم، من الذين لا ذمة لهم ولاضمير، همهم أنفسهم والحفاظ على مصالحهم وتكبير غنائمهم من خلال أذى الآخرين، ولتوضيح الأمر بشكل أدق، تراني أقول: لست ممن يتعرفون دوما على أناس فيهم من الصفات الحميدة أكثر مما فيهم من عيوبها، ففي بعض الأحيان، تجرفني رياح الحياة العاتية صوب أمواج صاخبة ومترامية الإهتزاز والصدمات ، تدفعني نحو شواطئ، ضفافها رخوة، فتنغمس قدماي حد الركب بوحلها، باحثا عن أية (يد) تعاون جسدي على التخلص من ورطته ، فتأتي (المساعدة) من أناس لهم هدف ومرام من تلك (المساعدة)، فما كنت أتصور إن من توهمت بطيبتهم وحسن تعاملهم وبراءة قلوبهم، ينكشفون بسرعة، لأنهم يريدون الحصول على جائزة نيل الأذى، فهم ينظرون لغيرهم كفريسة قابلة للإلتهام بعد تلك (المساعدة)، فيستغلون رد الجميل بفعل قبيح يخدم مصالحهم ومراميهم الدنيئة، من خلال المطالبة بخرق قانون أو تحرير (معاملة) غير سوية، أو (طمطمة) سرقة إقترفوها، أو السكوت عن أفعالهم المشينة، وتلك هي المأساة، مواجهتهم فيها الكثير من التضحيات، والسكوت فيه الكثير من الرضوخ وإيذاء النفس والضمير!.
من جهة ثانية، أفتح شباك النافذة، وأحدق في مواكب الحافلات القادمة والمغادرة، وأتساءل مع نفسي، لم هم يتسارعون ؟، علما إن الوصول لكليهما قادم لا محالة، فلماذا العجلة والتهور في السياقة التي قد تفضي إلى حادث لا تحمد عقباه، ويبدو إن السرعة في الإداء، تعد إحدى صرعات هذا الزمن القاسي على الإنسان المتمهل والمتأني، حتى باتت معيارا للنشاط من دون التحسب للمخاطر التي تنتج عنها، بحجة كسب وقت إضافي يعينهم على انجاز أعمالهم بعد أن أصبح زحام الشوارع لا يطاق، وآخر الثلاثية الضاغطة، هو ما أن تدير بوصلة (ريموت) التلفاز، حتى تصدمك غرائيبة برامجه الحوارية، التي غالبها يفتقر لأبسط مقومات الحوار الإنساني، مجرد معارك كلامية بألفاظ نابية لا أحد يسقط فيها بالضربة القاضية ،سوى المشاهد المصدوم بتلك الخطوط المتقاطعة والفوضى الكلامية بمهاتراتها الشخصية ما بين المقدم وضيوفه، فلا تعرف (الحماة) من (الكنة)، حتى ضاع خيط الوضوح وعصفوره!، فمقدم البرنامج يرفع حماوة المشاغبة وضيوفه يكبسون مثل لعبة كرة الطائرة!، والكل يبحث عن (الترند) وخرق الحقيقة برصاص الكذب من أجل شهرة زائفة ودراهم ملوثة، على حساب فهم المتلقي الضائع بينهم، وتلك هي المعضلة!؟.