حين يُباع الصوت وتُشترى القناعة
سيف الجنابي
مع اقتراب كل عرس انتخابي ، سواء كان نيابياً أو المجالس المحلية أو حتى النقابية ، يطفو إلى السطح مصطلح بات مألوفاً في المشهد العراقي “بورصة الناخبين”.
مصطلح يعكس بوضوح مؤلم تراجع الوعي السياسي وضعف الحس الوطني والمنطــــــــــقي لدى شريحة الأعم والاغلب من المواطنين، سواء في تعاملهم مع القــــضايا العامة أو حتى في محيطهم المهني والاجتماعي.
هذه (البورصة) لا تُدار بالضرورة بالأموال فقط فالصوت الانتخابي قد يُستبدل أحياناً بالتقرب من المرشح، أو بالحصول على وعود بالتوظيف أو التمكين المهني، أو حتى بمنافع مؤقتة سرعان ما تتلاشى بعد انتهاء السباق الانتخابي.
إنها عملية بيع وشراء من نوع آخر، تتخفّى تحت غطاء المجاملة والعلاقات الشخصية، لكنها في جوهرها انتهاكٌ لقيمة المواطنة وإفراغٌ للانتخابات من معناها الحقيقي.
تبدأ بورصة الأصوات عادة قبل أشهر من موعد الانتخابات، وتشهد تصاعداً متزايداً مع مرور السنين. لا عملة ثابتة لها، ولا قانون ينظمها، ولا سند يثبت ما يُباع ويُشترى، فهي أقرب ما تكون إلى العملات الرقمية: لا يُعرف مصدرها ولا يمكن المطالبة بحقوقها.
«ليس لك الحق في المطالبة بحقّك، لأنك بخست حقّك بنفسك»
وفي صباح يوم الانتخاب، تُغلق هذه البورصة على مشهدٍ مليءٍ بالخلافات، ونقض العهود، وخيبة الأمل بين البائع والمشــــــتري، لتنتـــــــــهي المهزلة بفــــشلٍ ذريع في تحقيــــــق الهدف الأسمى من العملية الديمقراطية: اختيار الأصلح والأكفأ لخدمة الوطن والمجتمع.