الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أصوات من داخل الكيان وخارجه تستشرف النهاية

بواسطة azzaman

أصوات من داخل الكيان وخارجه تستشرف النهاية

قتيبة آل غصيبة

 

بينما يبدو الكيان الصهيوني دولة قوية عسكرياً واقتصادياً؛ تمارس ابشع عمليات القتل والحصار وألابادة للشعب الفلسطيني؛ فإن النقاش الفكري والأكاديمي داخلها وخارجها يكشف قلقاً عميقاً بشأن مستقبلها؛ والمفارقة أن هذا القلق لا يصدر فقط من خصومها العرب أو من حركات المقاومة؛ بل من مؤرخين وصحفيين يهود، ومن مفكرين عالميين بارزين مثل جون ميرشايمر، نعوم تشومسكي، وإدوارد سعيد، فهؤلاء يجتمعون على فكرة محورية: (ان الكيان الصهيوني؛ بصيغته الحالية كدولة استعمارية قومية إثنية، مشروع بلا أفق تاريخي مستدام.)

فالمؤرخ اليهودي («إيلان بابيه»؛ ألاستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكسيتر بالمملكة المتحدة؛ ومدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية بالجامعة؛ والمدير المشارك لمركز إكسيتر للدراسات العرقية والسياسية)؛ يؤكد ان الكيان الصهيوني؛ هو مشروع استيطاني صائر إلى زوال؛ وهو يرى أن هذا الكيان يمثل نموذجاً كلاسيكياً لمشروع استعماري-إحلالي؛ تماماً كما حدث في جنوب إفريقيا والجزائر؛ وكما انتهت تلك المشاريع أمام ضغط السكان الأصليين والعزلة الدولية؛ فإن هذا الكيان سيواجه المصير ذاته؛ وفي كتابه؛ «التطهير العرقي في فلسطين (2006)»؛ يؤكد أن الجريمة الكبرى في تهجير الفلسطينيين عام 1948؛ ستبقى جرحاً مفتوحاً يقوّض شرعية الكيان الصهيوني جيلاً بعد جيل.

وكذلك الصحفي الاسرائيلي  («جدعون ليفي» ؛ والذي يصفه البعض بأنه صحفي بطل)؛ فإنه يكتب منذ عقود في صحيفة هاآرتس الصهيونية؛

أمر طبيعي

عن الاحتلال الصهيوني بوصفه «السرطان الأخلاقي» الذي ينهش إسرائيل؛ ويرى ان هذا الكيان ينهار أخلاقياً من الداخل؛ ويؤكد ليفي أن استمرار الاحتلال جعل الصهاينة يتبلّدون أخلاقياً؛ فباتوا يتعايشون مع القمع والتمييز كأمر طبيعي؛ وإن هذا الانهيار الأخلاقي؛ برأيه؛ هو (بداية النهاية للكيان الصهيوني ؛ لأنه مجتمع بلا قيم؛ ولا يمكن أن يصمد مهما بلغت قوته العسكرية.)

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية الأميركي («جون ميرشايمر» مع «ستيفن والت» ؛ بكتابهما «اللوبي الإسرائيلي وسياسة الخارجية الأميركية؛ الصادر 2007»؛ والذي أثار ضجة في تحليله) ؛ بأن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لن يدوم؛ وأن بقاء الكيان الصهيوني؛ مرهون إلى حد كبير بالدعم الأميركي غير المشروط؛ ويرى ميرشايمر؛ (أن هذا الدعم يتآكل مع تغير الرأي العام الأميركي؛خصوصاً بين الشباب والليبراليين؛ فإذا تراجع الغطاء الأميركي فإن هذا الكيان سيجد نفسه معزولا ومكشوفا؛ ما يهدد وجوده على المدى البعيد.)

ويؤكد المفكر الامريكي اليهودي («نعوم تشومسكي» ؛ الذي يعتبر أحد أشد النقاد لسياسات الكيان الصهيوني) ؛ بأن الاحتلال الصهيوني لفلسطين سيدمّر هذا الكيان  من الداخل؛ ويرى أن استمرار الاحتلال والاستيطان يعني ببساطة أن هذا الكيان يتجه نحو نموذج «دولة فصل عنصري» وهو نموذج غير قابل للاستمرار تاريخياً؛ ويؤكد

في كتبه ومحاضراته المتعددة أن الكيان الصهيوني  بممارساته الحالية؛ يعمل على «تدمير نفسه بنفسه»؛ (لأن دولة قائمة على الاضطهاد الدائم؛ لا يمكن أن تحافظ على شرعيتها ولا على استقرارها الداخلي.)

وكذلك؛ (المفكر الفلسطيني- الأميركي «إدوارد سعيد» ؛ ت :2003»؛كان من أوائل الذين صاغوا رؤية ثقافية- تاريخية لنقد المشروع الصهيوني وإحتلاله لفلسطين) ؛ إذ يؤكد في كتاباته؛ بأن المشروع الصهيوني؛ هو كيان مؤقت بلا جذور أخلاقية؛ أشار إلى أن إسرائيل كيان زرع بالقوة في قلب المنطقة؛ بلا جذور تاريخية طبيعية؛ وبأنه يعيش على دعم خارجي وسرديات أسطورية؛ أكثر مما يعيش على شرعية حقيقية؛ وأن سعيد كان يرى؛ (أن هذا «الكيان المؤقت» لن يصمد أمام التاريخ؛ لأن الشعوب الأصلية لا يمكن أن تُمحى؛ ولأن العالم لن يقبل طويلاً بدولة تمارس الاستعمار في زمن ما بعد الاستعمار).

انهيار داخلي

ومن المؤكد فإن هذه الأصوات الخمسة؛ بينها قواسم مشتركة، إذ يرى إيلان بابيه؛ (نهاية مشروع استيطاني تحت ضغط التاريخ)، وجدعون ليفي؛ (يؤكد ان الكيان الصهيوني يتعرض لإنهيار داخلي أخلاقي وقيمي)، وجون ميرشايمر؛ يؤكد؛ (ان  الكيان الصهيوني يفقد مع مرور الوقت؛ الدعم الأميركي الحاسم)، ونعوم تشومسكي؛ يرى؛ (ان الاحتلال والاستيطان الصهيوني؛ هو  طريق إلى التدمير الذاتي لهذا الكيان)، وإدوارد سعيد؛ أكد في كتاباته؛ (ان الكيان الصهيوني هو؛ كيان مؤقت بلا جذور شرعية ولا أخلاقية. )

عموما فإن هذه الرؤى تتقاطع  جميعاً في أن الكيان الصهيوني؛ بصيغته الحالية؛ ومع تزايد غطرسته وعدوانيته ووحشيته في قتل الفلسطينيين وتدمير مدنهم وقراهم؛ لا مستقبل له؛

وقد لا ينهار عسكرياً غداً؛ لكنه يواجه مصيراً مشابهاً لمشاريع استعمارية أخرى؛ انهارت حين تآكلت شرعيتها من الداخل وفقدت دعمها من الخارج؛

 أن هذه الاستشرافات لم تعد مجرد خطاب معارض عربي أو فلسطيني؛ إذ أصبحت جزءاً من النقاش الفكري العالمي؛ بل ومن النقاش الإسرائيلي نفسه. حين يقول مؤرخ مثل بابيه، وصحفي مثل ليفي، ومفكرون عالميون مثل ميرشايمر وتشومسكي وسعيد؛ إن الكيان الصهيوني

بلا مستقبل؛ فهذا يعني أن السؤال لم يعد: (هل سيزول الكيان الصهيوني؟ ؛ بل متى وبأي شكل سيزول؟ )

والله المستعان..


مشاهدات 56
الكاتب قتيبة آل غصيبة
أضيف 2025/09/30 - 2:47 PM
آخر تحديث 2025/10/01 - 4:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 556 الشهر 556 الكلي 12040411
الوقت الآن
الأربعاء 2025/10/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير