الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رواية جديدة لدانه جيرودي عن مركز الأدب العربي

بواسطة azzaman

رواية جديدة لدانه جيرودي عن مركز الأدب العربي

"دياجير".. حين يخرج الضوء من قلب العتمة متوغلاً في أعماق النفس والذاكرة

 

ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، صدرت مؤخراً عن مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع، رواية "دياجير" للكاتبة السورية دانه جيرودي، وهي عمل يتوغل في أعماق النفس البشرية عبر لغة تنسج الخيال والذاكرة والواقع بخيوط متشابكة. تدور أحداثها حول شاب ظنّ أنه نجا من حريق كاد يودي بحياته، غير أن النجاة أحيت كوابيسه المبهمة وأغرقته في دياجير مظلمة، لتتحول رحلة الهروب من الدخان المتصاعد من رأسه، إلى مواجهة وملاحقة الحرائق، حيث تصبح كل إشارة حوله دعوة لاكتشاف ذاته وهويته المفقودة.

تقدّم الرواية التي تقع في 204 صفحات من القَطع الصغير، عالماً مشحوناً بالتناقضات الداخلية، حيث يتحوّل المكان إلى مرآة تعكس اضطراب الذات ومحاولاتها المستمرة للشفاء. فكل قرية يمر بها البطل تمثّل مرحلة جديدة من محاولاته للهروب من ماضيه أو مواجهة ظلاله، لتصبح الرحلة بأكملها استعارة عن الصراع الإنساني بين التذكّر والنسيان، وبين الرغبة في النهوض والخوف من المواجهة. ومن خلال لغة مشبعة بالتأمل والرمزية، تتحوّل القصة إلى مرثية صامتة عن الألم الإنساني وإمكانية تجاوزه.

وفي إحدى محطات الرحلة، يصطدم الشاب بسنمار، الذي يتلاعب به الزمن. فيجدان في بعضهما عالماً من الدياجير يجمع بين الشبه والاختلاف. حينها يتحوّل "ديجور" كل منهما إلى نور للآخر، غير أن هذا النور لا يلبث أن يتبدد، لتنكشف عوالم النفس الأكثر عتمة، ويصبح السؤال عن الهوية مرادفاً للسؤال عن الوجود ذاته، وتغدو العودة إلى الداخل هي الطريق الوحيد للخروج من الدياجير التي تبتلع النور شيئاً فشيئاً.

من خلال سرد يجمع بين الذاكرة والحلم، تُعيد الكاتبة بناء الحكاية كلوحة متكسرة، لا يُرى فيها سوى أجزاء من ماضٍ مبعثر وحاضر هشّ. وتستخدم جيرودي لغة حسية تتنقل بين الغموض والوضوح، وبين الواقع والهلوسة، لتبدع نصاً يذكّر بأجواء الأدب الوجودي الحديث، ويعيد طرح أسئلة الإنسان الأزلية حول الذنب والفقد والخلاص. وتبدو "دياجير" كعملٍ تأمّلي أكثر منها رواية أحداث، إذ تنبض بكل ما هو داخلي وخفي، وتعيد رسم حدود الألم بلغة من الضوء والظل.

ولا تتوقف الرواية عند حدود التجربة الفردية للبطل، بل تمتد لتطرح تساؤلات أوسع عن معنى الحرية والهوية في عالم تتنازعه الذاكرة والاغتراب. فالدخان الذي يطارده قد يكون انعكاساً للأفكار التي نحاول دفنها في أعماقنا، والقرى التي يزورها تكشف تجلّيات مختلفة للذات في مراحلها المتعددة، لتتحوّل الرواية بهذا الإطار إلى تأمل عميق في علاقة الإنسان بذاته، وتبرز قدرة الأدب على إعادة تعريف الشفاء كمواجهة صادقة مع ما نخفيه، لا مع ما نظهره.

ودانه محمود جيرودي كاتبة سورية حاصلة على بكالوريوس في علوم المختبرات الطبية من جامعة الشارقة. صدرت لها مجموعتين قصصيتين: "فطيرة تفاح والكثير من القهوة" (2019) و"بدون ذكر أسماء" (2023). عملت مدرّبة معتمدة في مجال الكتابة الإبداعية وقدّمت ورشاً بالتعاون مع مكتبات الشارقة العامة ومكتبة كلباء ومؤسسة الاتحاد للشباب، وشاركت في معارض وفعاليات أدبية داخل الإمارات وخارجها، من أبرزها معارض الشارقة وأبوظبي ودبي ومسقط للكتاب.

- انتهى -

شرح الصور:

1. غلاف رواية "دياجير"

2. الكاتبة دانه جيرودي

 


مشاهدات 80
أضيف 2025/11/17 - 2:52 AM
آخر تحديث 2025/11/17 - 5:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 171 الشهر 11932 الكلي 12573435
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير