طفل الشقاوة المنظم
انتصار الحسين
تخيل عالم الطفولة، حيث يملأ الحب كل مكان. طفل صغير مدلل كثير الحركة، تحيط به القلوب بمحبة وعطف لا حدود له. أب يرحمه ويغفر له شقاوته، وأم تحنو عليه بلا كلل، وخال يدلله، وعمّة تحمله بين ذراعيها، وجدة تراه مميزًا فريدًا لا يشبه أحدًا. هكذا ينشأ الطفل في عالم من التدليل والحرية، حيث لا يطلب بل يأمر، ولا تُرفض له أي رغبة.لكن فجأة، يُدخل الطفل عالمًا جديدًا مختلفًا: عالم المدرسة. بحقيبته على كتفيه، يبدأ رحلة جديدة تحمل في طياتها الكثير من التحديات.
هناك يقابل المعلم، ذلك الساحر الصبور، الذي يأخذ بيد ذلك الطفل المدلل لينقله من عالم اللعب والفوضى إلى عالم النظام والانضباط. يعلّمه كيف يكتب واجباته، ويحترم أوقات الوقوف والجلوس، ويفهم قواعد الصف بدقة، ليبدأ يتحمل مسؤولياته الصغيرة شيئًا فشيئًا.وهنا تبدأ المعجزة، ليست بسحر، بل بالصبر الكبير والقلب الذي يؤمن بقدرة كل طفل على التغيير. يرسم المعلم خطوات الانضباط فوق عفوية الطفل، يحول الشقاوة إلى نظام، والضحك إلى احترام، والطفل المحب للعب إلى طفل واعٍ يمشي بخطى ثابتة نحو المستقبل.هذه قصة تحوّل رائعة، مليئة بالتحديات والجمال، طريق لا يستطيع الطفل أن يسلكه دون دعم شخص حكيم ورحيم.في هذه المدرسة الصغيرة، يصنع المعلم معجزات كل يوم، يحول كل لحظة شقاوة إلى درس في الانضباط ومسار نحو النضج، ليتمكن الطفل بعدها من الطيران في سماء الحياة بأجنحة العلم والمسؤولية.