حماية الطفل
مشتاق الربيعي
من أبسط الحقوق التي كفلها الشرع والقانون والمواثيق الدولية للإنسان، هي الطفولة الآمنة التي ينشأ فيها الطفل بعيدًا عن العنف والإهمال والاستغلال. غير أن الواقع المؤلم الذي يعيشه الكثير من أطفال العراق اليوم، يكشف عن حاجة ماسّة وملحّة لتشريع قانون حماية الطفل، قانون يضع حداً للتجاوزات التي تهدد هذه الفئة البريئة وتُفقدها أبسط مقومات الحياة.
فالأطفال اليوم يتعرضون لمظاهر متعددة من الانتهاكات:
• هناك من يُعاني من الضرب المبرح والعنف الأسري الذي يترك جروحًا نفسية لا تُشفى بسهولة.
• وهناك من يُدفع إلى التسول في الشوارع أو يُجبر على ممارسة أعمال شاقة من أجل لقمة العيش، على حساب صحته وتعليمه وطفولته.
• والأسوأ من ذلك، ما نسمع عنه من حالات الاعتداءات الجنسية التي لا تمثل فقط جريمة بحق الطفل، بل جريمة بحق المجتمع والإنسانية جمعاء.
إن فقدان الطفل لحقه في التعليم، وحرمانه من اللعب والنمو الطبيعي، يقودنا إلى أجيال محطمة نفسيًا وجسديًا، ويُنتج مجتمعًا هشًّا لا يستطيع النهوض بمستقبله. فالطفل الذي يُجبر على العمل بدل الدراسة، هو مشروع أُمية جديدة، والطفل الذي يتعرض للعنف المستمر، هو مشروع انطواء أو انحراف في المستقبل.
لذلك، فإن مسؤولية المجلس النيابي والحكومة والمجتمع المدني معًا، هي مسؤولية تاريخية وأخلاقية، تفرض عليهم الإسراع بتشريع قانون شامل لحماية الطفل، يتضمن:
1. تجريم العنف ضد الأطفال بكافة أشكاله، الأسري والمجتمعي.
2. حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي ومنع تشغيلهم في سن مبكرة.
3. فرض عقوبات صارمة بحق كل من يعتدي على براءة الأطفال جسديًا أو جنسيًا.
4. إلزامية التعليم وتوفير بيئة مدرسية آمنة ومشجعة.
5. برامج تأهيل نفسي واجتماعي للأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات.
إن حماية الطفولة ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، بل هي التزام وطني وديني وأخلاقي. فأطفال العراق هم عماد مستقبله، وحمايتهم تعني بناء جيل واعٍ، متعلم، وقادر على الإسهام في نهضة البلاد.
لقد آن الأوان أن يتحول الكلام إلى فعل، وأن يُسن قانون يحمي هذه الأرواح البريئة، لأن التفريط بحقوق الطفل هو في حقيقته تفريط بمستقبل العراق.