تهدئة مؤقتة أم إعادة صياغة للنزاع؟
محمد علي الحيدري
تسارعت التطورات في الشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في أواخر 2024، وكان أحدثها إعلان الرئيس السوري أحمد الشرع عن اقتراب التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل، بوساطة أميركية. الاتفاق المطروح يركّز على ضبط الحدود ووقف الغارات، مع انسحاب جزئي من بعض المناطق السورية التي تشهد احتكاكاً مباشراً. هذا المسار يبدو، في ظاهره، استجابة لحاجة الطرفين إلى تجنّب التصعيد العسكري، خاصة في ظل التحديات الداخلية في سوريا ورغبة إسرائيل في تقليل كلفة الانخراط العسكري المستمر. غير أن غياب معالجة صريحة لملف الأراضي المحتلة، وعلى رأسها مرتفعات الجولان، يثير تساؤلات جدية حول طبيعته وحدوده. الاتفاق يشبه إلى حد ما اتفاق فصل القوات عام 1974، الذي ساهم في استقرار نسبي لكنه لم يقدّم حلاً نهائياً. وهو بذلك قد يشكّل وسيلة لإدارة النزاع أكثر من كونه خطوة نحو تسويته. فبينما تراهن دمشق على أن يؤدي التهدئة إلى فتح المجال أمام جهود إعادة الإعمار والحصول على دعم خارجي، يخشى منتقدون أن يُرسَّخ واقع الاحتلال مع مرور الوقت، وأن تُهمَّش القضايا الجوهرية لصالح ترتيبات أمنية مؤقتة.
الوساطة الأميركية تعطي العملية غطاءً دولياً، لكنها في الوقت نفسه تضعها ضمن حسابات أوسع للسياسة الإقليمية، حيث قد يُنظر إلى الاتفاق باعتباره جزءاً من إعادة رسم التوازنات في المنطقة، لا مجرد اتفاق ثنائي محدود.
اللحظة الراهنة تطرح إذن معادلة معقدة: هل يشكّل الاتفاق مدخلاً إلى استقرار طويل الأمد، أم أنه مجرد هدنة مرحلية لا تُجيب عن الأسئلة الأساسية؟ وفي مقدمتها مصير الأراضي المحتلة ومستقبل السيادة السورية الكاملة.