نقطة ضوء
حين يكون المدير قدوة
محمد صاحب سلطان
مع إطلالة العام الدراسي الجديد ، نتذكر نحن الكبار ،لحظات الفرح النادرة في حياتنا، بعد أن زحفت التجاعيد على الوجوه مثل ديدان دقيقة، مثلما نتذكر سويعات العشق الشديدة الوطئة على القلوب، التي كانت ترسمها أيام الدراسة الابتدائية والثانوية، نتذكر ملامح وجوه المديرين والمعلمين الذين أضحوا قدوة لنا، وأجواء الإدارة المنضبطة بقيادتها، والتي تجسدت فيها مثل المسؤولية وروح الأبوة، بل شكلت عصب الإداء لكل لكل نجاح، بيد ان هنالك مبدأ عسكري يقول (الوحدة بآمرها)، حتى وصل الأمر في بعض الحالات، إلى التعرف على نتاج أي مجموعة من خلال التعرف على من يقودها، وأخطر مؤسسة هي مؤسسة التعليم في مختلف مراحله، وبودي اليوم أن أتحدث عن مدير مدرسة، يعد مثالا للمسؤليةوروح الأبوة، إنموذج سمعت عنه ومن ثم شاهدته عن قرب من خلال تعرفي مؤخرا، على السيد (إبراهيم محمد) مدير ثانوية النصر النموذجية في مدينة أربيل، فهذا الرجل خير مثال للتعامل الإنساني والأبوي مع طلبته، والأساتذة الذين يعملون بمعيته،مما ترك تأثيرا على بيئة المدرسة وعلى الطلبة أنفسهم وكأنهم عائلة واحدة ،كونه نجح في تعزيز الثقة بين الطلبة والإدارة، مما أدى إلى تحسين سلوك الطلبة في زيادة إحترامهم للقواعد والأنظمة، وبفضل تعامله أمكن تقديم الدعم اللآزم للذين يواجهون تحديات، مما عزز في رفاهيتهم النفسية والأكاديمية وخلق بيئة مدرسية إيجابية ومحفزة للتعلم، وعنه سمعت الكثير من القصص الإنسانية من المدرسين والطلبة، وأولياء إمورهم، عن دوره في حل المشكلات التي واجهت أبنائهم ، بسرعة وفاعلية من خلال التواصل معهم، والمجتمع المحلي لتعزيز العلاقات ودعم المدرسة، لذلك نراه لا يجلس وراء مكتبه إلا بعد أن يطمئن على سير الدروس، وتفتيش حانوت المدرسة، والمرافق العامة، والأغرب من ذلك في تعميمه لرقم هاتفه الشخصي على طلبته ليستقبل مكالماتهم في أي وقت بما فيها أيام العطل ، حتى إن أحد الآباء ذكر لي واقعة، عندما تفاجأ بزيارة المدير لبيته، للتباحث بشأن موضوع يخص ولده، بل والاكثر من ذلك، كان الرجل لا يترك المدرسة بعد إنتهاء الدوام، إلا بعد التأكد من عدم بقاء أحد من طلبته فيها، وفي مرات عديدة ، تجده ينقل بسيارته الشخصية ممن ليست لديهم خطوط نقل، لإسباب مالية تخص عوائلهم الفقيرة، لحين ما يرتب أمورهم، جزء منها على نفقته الخاصة ويساعده ،بالباقي، بعض الخيرين من أبناء المجتمع المحلي.
كل هذه الأمور تدفعنا للتأكيد على أهمية المدير في إدارة مؤسسته وتأثير ذلك على إنتاجها، الذي غالباً ما يكون حاسما نحو تحقيق أهدافها، من خلال تحديد الإستراتيجية والإتجاه العام للمؤسسة، كما إن المدير الجيد، يمكن أن يحفز الموظفين ويعزز روح الفريق، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، فضلا عن تحمله مسؤولية إتخاذ القرارات المهمة التي تؤثر على إداء المؤسسة وإنتاجها، وفي إدارة الموارد بكفاءة لتعزيز الإنتاجية وتحقيق الأهداف، مما يؤثر على رضا الموظفين وإنتاجيتهم بما يعزز التعاون ويحسن الإنتاج.. وتمتاز شخصية المدير الناجح-التي وجدتها في شخصية الأستاذ إبراهيم- والتي نتمنى أن نراها في مؤسساتنا العامة والخاصة، بالقوة والتواصل الفعال، فضلا عن إمتلاكه المرونة والاستعداد للتكيف مع التحديات والمتغيرات في بيئة العمل، وأن يكون -وهو الأهم في نظري- صانع قرارات حكيمة، تعتمد على المعلومات المتاحة والظروف الملائمة، كي يحقق التحفيز لمعيته ويدعمهم لتحقيق أفضل إداء، وهذا ما نأمله ونتمناه..