نموذج في تطبيق قيمة الأمانة
عماد يوسف خورشيد
معلوم أن القيم الإنسانية هي المحرك في توجيه سلوك الإنسان، ومن القيم الإنسانية: العدل، الرحمة، جبر الخواطر، مساعدة الإنسان الآخر، الأمانة... إلخ.
ومن تطبيقات القيم الإنسانية أعلاه في الواقع، واقعة تستأهل ذكرها، وتدرس كنموذج عملي في تطبيق قيمة الامانة، فهي تظهر نبل ونقاء شابان في مقتبل العمر، تلخصت في: أثناء قيام شابان في محافظة كركوك/ العراق بعملهما (شراء مواد مستعملة من البيوت) وذلك من خلال التجوال بين الدور في الأحياء السكنية، إذا بامرأة تبيع بعض المواد لهما ومن ضمنها رز موضوع في صفيحة معدنية- تنكة- وبعد رجوعهما إلى بيتهما قاما بإفراغ الرز الموجود في التنكة ليضعوه في الكيس الكبير المخصص للرز- كونية- لاحظوا مبلغا كبيرا من المال! لم يتردد الشابان بإبلاغ عمهما الكبير بالأمر، ولم يتردد الأخير في أخذ المبلغ وإبلاغ مركز شرطة قورية/ كركوك، ومن بعد ذلك قيام الأخير بإبلاغ مركز شرطة رحيم آوه/ كركوك، ومن ثم مديرية شرطة كركوك، وبعد اتخاذ الإجراءات للوصول إلى صاحب الأمانة، ظهر بأنها تعود لامرأة كبيرة بالسن. تقول: كنت أضع المال في تنكة فوقها رز للحفاظ عليها من السرقة. إلا أن ابنتها عند تنظيف البيت رأت رزاً قديماً، وقامت ببيعه للشابين أهل القيم. وبعد عد المبلغ من قبل الشرطة اتضح أنه (22) مليون دينار عراقي. و (2500) دولار.
وقال أحد الشباب الذي عثر على المال: أنا إذا أخذت هذا المال، وانقطع أحدى أصابع يدي ماذا تفعل كل هذه المبالغ التي ليست بالحلال؟ وكأن ظرف حالهم يقول: الحرام ما يدوم وإذا دام ما ينفع.
وبعد كل ما تقدم، تم تسليم الأمانة - المبلغ أعلاه- للمرأة بتاريخ 7 /8/2025 وبقرار من قاضي تحقيق/ كركوك، وتكريم الشابين، والثناء والعرفان لهما على حملهما الأخلاق الحميدة، والقيم العليا وذلك من قبل مدير مديرية شرطة كركوك المحترم.
وصفوة القول، أن الدولة بمؤسساتها - المحاكم والداخلية - والمجتمع كم تصرف وتستهلك من جهد مادي ومعنوي عندما يسرق شخص أو يخون الأمانة، أو يتشاجر شخصان، إتلاف أموال الناس أو أموال الدولة أو قتل ... طبعا الشيء الكثير. ولتقليل العبء عن الدولة، ولحياة مستقرة أفضل، ولمكافحة الجريمة قدر الإمكان، لابد من غرس القيم الإنسانية في نفس الإنسان، من قبل الوالدين، المربين، المعلمين، أساتذة الجامعات، أرباب العمل، مدراء الدوائر في مؤسسات الدولة، وجميع المجتمع، فكما لاحظنا إرجاع المال لأصحابه أمانة، كذلك زرع القيم لمن حولنا وللأجيال القادمة أمانة؛ تطبيقًا لقول خالقنا سبحانه وتعالى « إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا». سورة النساء. اية 58.
أستاذ القانون الجنائي المساعد
الجامعة التقنية الشمالية/ المعهد التقني كركوك