دور الجامعات في رفد ملاكات تكنولوجيا المال

حاكم الشمري

يشهد العراق تحوّلاً ملحوظاً في مجال التكنولوجيا المالية، حيث أصبحت أنظمة الدفع الإلكتروني جزءاً أساسياً من الحياة اليومية، لاسيما بعد التوسع في استخدام البطاقات الذكية والخدمات المصرفية الإلكترونية. وتُعد شركات الدفع الالكتروني التي وصلت الان الى 18 شركة والشركة الوطنية التي اعلن عنها مؤخرا ستباشر اعمالها العام المقبل التابعة للبنك المركزي العراقي من أبرز النماذج الناجحة في هذا المجال، إذ لعبت دوراً ريادياً في إدخال مفهوم الدفع الإلكتروني إلى السوق العراقية، ووفّرت خدمات مالية متقدمة للمواطنين وموظفي الدولة، لا سيما في ظل تحديات البنية التحتية التقليدية.

لقد ساهمت هذة الشركات في تسهيل عمليات صرف الرواتب والتقاعد والمساعدات الاجتماعية، وقللت من الاعتماد على النقد، مما ساعد في الحد من الفساد المالي، وزيادة الشفافية، وتوفير الوقت والجهد. كما مكّنت المواطنين من الوصول إلى حساباتهم بسهولة، سواء من خلال نقاط البيع أو أجهزة السحب أو التطبيقات الذكية. ورغم هذه الإنجازات، إلا أن تطور الدفع الإلكتروني يرتبط بشكل وثيق بمدى توفر بيئة آمنة تحمي بيانات المستخدمين وتحافظ على سرية العمليات. وهنا يبرز دور الأمن السيبراني كعنصر أساسي في استدامة هذه الأنظمة وضمان ثقة المستخدمين فيها.

من هذا المنطلق، تبرز أهمية أن تضطلع الجامعات والكليات العراقية بمسؤولية فتح أقسام وتخصصات في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، لما لهما من تأثير مباشر في دعم وتطوير المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء. فالكوادر العلمية المتخرجة من هذه الأقسام قادرة على تأمين البنى التحتية الرقمية، بما في ذلك أنظمة الدفع الإلكتروني والمعلومات الحكومية الحساسة وتطوير حلول ذكية لتحليل البيانات الضخمة وتحسين الخدمات العامة.ومواجهة التهديدات الإلكترونية المتزايدة التي أصبحت أحد أبرز التحديات في العصر الرقمي ورفد الشركات والمؤسسات بالخبرات المحلية، مما يقلل الحاجة للاعتماد على الكفاءات الخارجية.

إن فتح هذه التخصصات لا يعزز فقط الجوانب التقنية والعلمية في الدولة، بل يساهم أيضاً في خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز البحث العلمي، وتعزيز مكانة العراق في الثورة الرقمية العالمية.

إن تجربة الدفع الإلكتروني في العراق، ، تثبت أن البلد قادر على مواكبة التطور الرقمي رغم التحديات. ومن أجل استدامة هذا التطور، لا بد من تعزيز البنية التعليمية والعلمية من خلال الاستثمار في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، لتأهيل جيل جديد قادر على حماية وتطوير مؤسسات الدولة وفق أعلى المعايير العالمية.