فريق بحثي بجامعة في السليمانية ينتج خرسانة خالية من السمنت
بغداد - باسل الخطيب
توصل فريق بحثي بالجامعة الأمريكية في السليمانية، إلى إنتاج «خرسانة جيوبوليمرية» صديقة للبيئة من دون استعمال السمنت، ونشر بحثه الخاص بالموضوع في مجلة عالمية رصينة.
وقال عضو الفريق باقر ثامر باقر، إن تصنيع سمنت بورتلاند «تعد من العمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة مما يؤدي إلى زيادة انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون CO2 الملوث للبيئة بنسبة تتراوح بين 8–10٪ عالمياً»، مشيراً إلى أن البوليمرات الجيولوجية المعتمدة على الرماد المتطاير وخبث الأفران في معامل الحديد والصلب «تشكل بديلاً واعداً يتميز بتأثير بيئي أقل وخصائص ميكانيكية عالية».
وأضاف أن إنتاج كل طن من الخرسانة «يولد ما نسبته 8 بالمئة من وزنه غاز ثاني أوكسيد الكاربون الضار بالبيئة»، مبيناً أن الدراسات العلمية «أظهرت أن انبعاث غاز CO2 تضاعف أربع مرات خلال المدة المحصورة بين 2000 إلى 2020 مقارنة بما قبلها ما أدى إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري».
وذكر باقر، وهو طالب في المرحلة الثالثة بقسم الهندسة المدنية بالجامعة، أن «تفاقم المطلقات الغازية الملوثة للبيئة يسبب ارتفاع حرارة العالم نحو أربع درجات مئوية بحلول سنة 2099»، مبيناً أن الدراسات العلمية «أظهرت أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ذوبان الثلوج وارتفاع مناسيب مياه البحار والمحيطات وغرق مدن أو مناطق شاسعة حول العالم وحدوث اضطرابات جوية كالأعاصير وهطول الأمطار الغزيرة وحرائق الغابات وتأثيرات أخرى مدمرة للحياة البرية ومسببة للأوبئة والأمراض».
اعمال انشائية
وواصل، من هنا «بحثنا عن كيفية تقليل انبعاث ذلك الغاز وإيجاد بدائل مناسبة له في إنتاج الخرسانة (الكونكريت) التي تستعمل على نطاق واسع في مختلف الأعمال الإنشائية للإسهام بحماية البيئة»، لافتاً إلى أن فريق البحث الذي يضمه وأستاذه المشرف د. أحمد صالح محمد «توصل إلى إمكانية استعمال النفايات الناتجة عن معامل الحديد والصلب (لاسيما الخبث Slag وهو مجموعة المركبات التي تتم إزالتها في العديد من عمليات الصهر) كبديل عن السمنت لإنتاج خرسانة صديقة للبيئة أو جيوبوليمرية».
وأوضح الباحث، أنه بحث بتوجيه أستاذه المشرف د. أحمد صالح محمد أن الخرسانة الناتجة «تميزت بكونها أخف وزناً من نظيرتها الاعتيادية وأكثر مقاومة انضغاطية وأقل تسبباً في إطلاق الانبعاثات الضارة فضلاً عن تخليص البيئة من نفايات الخبث الضارة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية»، شارحاً أنها «تتكون من الرمل والحصى والماء والمواد الكيميائية والخبث».
وتابع أن «تحليل ما مجموعه 447 عينة باستخدام سبع تقنيات انحدار مختلفة من الخرسانة الجيوبوليميرية أثبتت كونها عالية الصلابة إذ كشف تحليل الحساسية أن سيليكات الصوديوم وهيدروكسيد الصوديوم ومعامل الهيدروليك والألومينا كانت عوامل حاسمة في التنبؤ بمقاومة الانضغاط»، مدللاً على ذلك بأن القوة الانضغاطية للخرسانة الجيوبوليمرية «تتراوح بين 4078 إلى 9177 طن للمتر المربع الواحد مقابل ما بين 2550 إلى 5100 طن للمتر المربع الواحد للخرسانة الاعتيادية». ومضى الباحث باقر ثامر باقر قائلاً، إن صلابة وقوة الخرسانة الجيوبليمرية «تتيح إمكانية استعمالها في بناء التحصينات الدفاعية والأرصفة وغيرها من الأعمال الإنشائية التي تتطلب مواصفات خاصة»، مواصلاً أن البحث المتعلق بالموضوع «نشر في مجلة عالمية رصينة ذات معامل تأثير مرتفع معتمدة في البيانات الإحصائية التابعة لقاعدة بيانات كوبس وكذلك في Web Of Science (وهي عبارة عن مجموعة منظمة ومنقاه من أكثر من 21000 مجلة علمية محكّمة عالية الجودة في أنحاء العالم) هي Innovative Infrastructure solution بعددها 191 المجلد 10 الصادر في نيسان/ أبريل من عام 2025 الحالي».
انبعاثات غازية
بدوره قال الأستاذ المشرف على البحث د. أحمد صالح محمد، إن الباحث «سعى إلى تقليل العبء الاقتصادي الناجم عن إنتاج الخرسانة المكلفة والمعقدة وإنتاج أخرى تخلص البيئة من نفايات ضارة وانبعاثات غازية خطيرة وترشد استخدام الموارد الطبيعية»، منوهاً إلى أن البحث «نشر في مجلة عالمية رصينة قام ثلاثة من محكميها بتقويمه والموافقة عليه ما يدلل على أهميته».
وأكد محمد أن الخرسانة الجيوبولميرية الصديقة للبيئة التي تستخدم فيها بدائل للسمنت «تحظى بتقويم جيد في نظام الريادة العالمي المعتمد في تصميمات الطاقة والبيــــــــــــئة وأن نتائج البحث تظهر الإمكانات الكبيرة للبوليمرات الجيولوجية المعتمدة على الرماد المتـــــــــطاير والخبث كبديل مستدام للسمنت البورتلاندي مما يستدعي مزيداً من البحث لتطوير خلـــــــــــــطات خرسانية أكثر صداقة للبيئة في مجال البناء والإنشاءات»، مناشداً الجهات المعنية رسمية كانت أم في القطاع الخاص «الاستفادة من مخرجات البحوث العلمية ووضعها موضع التطبيق وتشجيع الباحثين بما يسهم في حماية البيئة وتنمية المجتمع والارتقاء به».