مراقبون: موقف المحافظ دستوري والحكومة تحاول إستثمار الملف إنتخابياً
صراع الصلاحيات على إزالة العشوائيات يثير أزمة والعيداني يتمسّك بالقانون
بغداد - قصي منذر
أشعل ملف العشوائيات فتيل أزمة صلاحيات حادة بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومحافظ البصرة أسعد العيداني، بعدما اصطدمت توجهات الحكومة الاتحادية الرافضة لإزالة التجاوزات في المرحلة الراهنة بإصرار المحافظة على المضي قدمًا في تنفيذ قرارات الإزالة. وقال الكاتب والصحفي هاشم حسن في منشور على فيسبوك أمس إن (موقف العيداني بعدم الالتزام بتوجيهات رئيس الوزراء بشأن إيقاف إزالة العشوائيات، شجاع ودستوري)، وأشار إلى إن (السوداني استخدم الملف دعاية انتخابية واستمال به عواطف الفقراء). وكان العيداني قد رد في وقت سابق، على توجيه صادر من مكتب رئيس الوزراء بشأن إزالة التجاوزات. واكد العيداني في تصريح أمس إن (العراق دولة اتحادية، وأن توجيهات حكومة المركز غير ملزمة للمحافظات)، وأضاف إن (المحافظ يُنتخب من قبل مجلس المحافظة ولا يُعد موظفًا تابعًا للحكومة المركزية)، ولفت العيداني إلى إن (التوجيه الأخير يتعارض بشكل صريح مع المادة 154 من قانون إزالة التجاوزات، ويُعد سابقة خطيرة قد تُشجع على التعدي على الأملاك العامة والخاصة)، مؤكداً إن (الإجراءات التي اتخذتها محافظة البصرة جاءت استنادًا إلى قرارات قضائية باتة بإزالة تجاوزات على أراضٍ خاصة)، مشددًا على (عدم التراجع عن تنفيذ القانون لصالح أي مجاملات). ووجه مكتب السوداني بإيقاف حملات هدم التجاوزات في بغداد والمحافظات مراعاة لأوضاع ساكنيها، بحسب وثيقة مذيلة بتوقيع نائب مدير مكتبه علي رزوقي اللامي.
في وقت، نفى مجلس القضاء الأعلى، إصدار مذكرة قبض بحق العيداني. وقال بيان تلقته (الزمان) أمس إن (المركز الإعلامي للمجلس رصد نشر مذكرة قبض في مواقع التواصل الاجتماعي صادرة ضد العيداني ينسب صدورها إلى محكمة تحقيق الكرادة)، وأضاف إنه (بعد الاتصال بالمحكمة المنسوب لها إصدار هذه المذكرة ، اتضح أنها مزورة وغير صحيحة)، وشدد بيان القضاء على إن (مرتكبي هذه السلوكيات المخالفة للقانون، سيتم متابعتهم لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم). وكان رئيس الجمعية العراقية للاعتماد إسماعيل محمود العيسى، قد دعا إلى ضرورة اتباع نهج إنساني ومنهجي في معالجة ملف إزالة التجاوزات، بما يضمن حماية حقوق الفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وقال العيسى في مقال نشرته (الزمان) في عدد سابق إن (أي قرار يتعلق بإزالة التجاوزات يجب أن ينبع من إدراك ووعي حقيقي بحاجات المواطنين، ولاسيما الفئات الفقيرة، وأن يتضمن خطة تدريجية مدروسة تضمن عدم تضرر الأمن المجتمعي أو تفكك الأسر)، وتابع إن (عدداً من التجاوزات جاءت نتيجة لظروف قاهرة كالفقر، ونقص الخدمات، والهجرة القسرية، ما يجعل من الضروري أن تتضمن أي حلول بدائل سكنية وتعليمية وصحية تُمكن الأسر من إعادة بناء حياتها في أماكن أخرى، دون أن تُترك لمصير مجهول)، وشدد على القول إن (التنمية الحقيقية لا يمكن أن تُبنى على قرارات متعجلة لا تراعي الواقع المجتمعي، وإنما تحتاج إلى برامج ومبادرات اجتماعية وصحية وتعليمية تضمن استدامة الحلول، مع إنشاء لجان مختصة للمراقبة والتقييم وتلقي الملاحظات من المواطنين)، وأوضح العيسى إن (تجارب دولية ناجحة مثل الهند ورواندا أثبتت أن الاستثمار في البنى التحتية وتوفير البدائل المجتمعية، أسهم في تحسين ظروف المواطنين، وحقق التوازن بين فرض القانون ومراعاة العدالة الاجتماعية)، وأكد إن (حكومة مودي في الهند أطلقت مبادرات لتحسين المساكن والنظافة العامة، وتوفير الخدمات بأسعار معقولة، بينما ركزت رواندا بعد الإبادة الجماعية على إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاجتماعي من خلال برامج تنموية مستدامة)، ولفت إلى إن (الحكومة مدعاة إلى التفكير بعمق عند تنفيذ قرارات إزالة التجاوزات، ووضع خطط عادلة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية، بعيداً عن الحلول السريعة التي قد تقود إلى اضطرابات أو تهدد السلم المجتمعي)، مضيفاً إن (التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان، وتنتهي عند خدمته وتحسين واقعه).