قل: «معًا أو سويًا أو سويّةً» ولا تخش لومة لائم...
لطيف القصاب
هناك من المدققين مَن يُلزم عباد الله في كلّ الأحوال بالقول: معًا ، ويمنع بـ (ضرس قاطع) كلمة “ سويةً “ في مثل قولنا:
عملنا هذا الأمر أو ذلك الأمر سويةً، ونحو ذلك... وهذا الذي ذكرناه ويمنعه المانعون أسلوب “ محدّث” شائع متداول منذ عقود طويلة، ويجري بسلاسة في العربية فضلا عن الدارجة العراقية، وغيرها من لهجات العرب المعاصرين...وبودي أن أقول لهؤلاء المانعين ( أعزّهم الله) : لا شكّ في أن الاستعمال العربي الأمثل يقتضي القول -في المقام الأول-: “معًا”، ولكن يصحّ بل يُسْتَحسَنُ أن يُقال (سويًا أو سويّةً ) مع إرادة التنويع الأسلوبي أو “ مطلقًا”؛ لأن الجذر( س و ى) فيه معنى التساوي والمساواة، وهذان مفيدان للمصاحبة على أي حال بمعنى ما يقع على الأول يشمل الآخر، قال تعالى في هذا السياق : « فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا» الشمس : 14؛ جاء في كتاب (غريب القرآن للسجستاني) ما نصّه : “فسوّاها أي: ساوى بينهم» ...، ومن هنا فلا عبرة في قول مَن قال: الاستواء شيءٌ مباينٌ للمعيّة والاصطحاب، وإنّ “ الاستواء” فيه معنى التحوّل من هيئة الاضطجاع إلى هيئة الجلوس؛ لأن ذلك ينطبق على الواحد فقط، لا على الاثنين، وحديثنا عن الاثنين لا الواحد: ورد في كتاب(جواهر التاريخ) «اضطهاد العترة بعد النبي صلى الله عليه وآله للشيخ الكوراني العاملي – مثلا- : (( ولما بلغ نعي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى معاوية فرح فرحاً شديداً . . . وفي رواية الراغب عن شريك أنّه كان متكئاً فاستوى جالساً ، ثم قال : يا جارية غنيني ، فاليوم قرت عيني))، فالكلام هنا عن واحد، وهو في المثال المتقدم معاوية بن أبي سفيان.
يُنظر: جواهر التاريخ/ الكوراني: 1/ 469.ولك أن تتخيّل وعورة الكلام، وكذا الكتابة حين يُصار على نحو “الضرورة” أحيانًا إلى تكرار كلمة “ معًا” ، لاسيما في مواضع السرد التي تُخبِر، وتَصِف مواقف شخصين أو شيئين، في سياقات مختلفة! مع ملاحظة أنّ مجمع القاهرة الموقر كان قد أجاز القول :
((خرجنا سويًا أو أخرجوا سويًا بمعنى معًا أو مصطحبين بناءً على أن “سوى” فعيل بمعنى مفعل أو مفتعل، أي : خرجنا مساوين، أو خرجنا باستواء ، وسويا حال، أو مفعول مطلق، بتقدير : خرجنا أو أُخرجوا خروجًا سويًا)).
يُنظر الألفاظ والأساليب