عزف على أوتار الذكرى
مهدي سهم الربيعي
القلبُ يشتهي البكاءَ والعينُ تتمنّعُ
جفّتْ، وما أظنُّ بها بعدُ أدمُعُ
والصدرُ ضاقَ بما احتواهُ من الأسى
وللحرفِ شكوى، والحنينُ مُوجَعُ
نامتْ مواويلُ الحياةِ بأضلُعي
والصوتُ ماتَ، فما له مَن يُسمِعُ
ما عادَ في ليلِ السكونِ مسرّةٌ
حتى النجومُ تغيبُ حين تُسطَعُ
والذكرياتُ كأنّها سيفٌ سرى
في القلبِ ينزفُ كلّما تتقطّعُ
سكنتْ خُطايَ ملامحُ التّعبِ الذي
لا يستريحُ، وإن بدا يتوجّعُ
يا مَن غفتْ فوقَ الضلوعِ ملامحٌ
منها الجراحُ على المدى لا تُنزَعُ
ما زلتُ أحملُ في الجفونِ تساؤلًا
عن سرِّ مَن رحلوا، ولم يتودّعوا
عن ضحكةٍ كانت تضيءُ حكاياتي
كيف اختفتْ؟ والصوتُ كيف تَقطّعُ؟
عن دفءِ كفٍّ كان يمسحُ دمعتي
ما عادَ بعدَ رحيلهِ مَن يَجزَعُ
صارتْ دروبي بعدهُ منفىً جفا
والعُمرُ يمضي كالغريبِ ويُرجَعُ
مضى الزمانُ، وقلبي في مِحنةٍ
والذّكرى شبحٌ لا يعترفُ المُنَعُ
كم من ليالٍ عشتُها بلا فجرٍ
والنجمُ أعمى، والزّمانُ يُفزعُ
كلّ الوجوهِ التي تعرّفتُ عليها
قد اختفتْ، واختفى معها المهجَعُ
والدمعُ ضحكٌ في العيونِ إذا دَمعتْ
فالعينُ تعرفُ ما تُخبّئُ الأضلعُ